ولما قدم من كان إهلاكهم بنفس الريح التي هي مبدأ الأمطار الآتية لهم في السحاب، وأتبعهم من إهلاكهم بها بحملها للصيحة إرجافها بهم، أتبعهم من كان إهلاكهم بالماء الذي هو غاية السحاب فقال :﴿وقوم نوح﴾ أي أهلكهم لأجل ظلمهم بالتكذيب، ولما كان إهلاكهم في بعض لزمان الماضي قال :﴿من قبل﴾ أي قبل الفريقين فصار في الكلام تهويلان يهزان القلب ويفعلان في النفس وصف هؤلاء بالقبيلتين وأولئك بالأولى، ولوا تقدميهم ما كان هذا، وعلل هلاكه بما يؤذن أنه لا فرق عنده بين قوي وضعيف وقليل وكثير مؤكداً لان ما اشتهر من طغيان عاد يوجب أنهم أطعى الناس :﴿إنهم كانوا﴾ أي بما لهم من الأخلاق التي هي كالجبال التي لا انفكاك عنها ﴿هم﴾ أي خاصة ﴿أظلم﴾ من الطائفتين المذكورتين ﴿وأطغى *﴾ أي وأشد تجاوزاً في الظلم وعلواً وإسرافاً في المعاصي وتجبراً وعتواً لتمادي دعوة نوح عليه السلام ولأنهم أطول أعماراً وأشد أبداناً، وكانوا مع ذلك ملء الأرض، ويجوز أن يكون الضمير للفرق الثلاثة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٣٣


الصفحة التالية
Icon