من رجز أليم} [الأعراف : ١٨٥ - ١٦٢] وقوله :﴿أفرءيت من اتخذ إلهه هواه﴾ [الجاثية : ٢٣] إلى آخر السورة، وقوله في الأحقاف :﴿والذين كفروا عما أنذروا معرضون﴾ [الاحقاف : ٣] ومعظم هذه الآية لم يخرج عن هذا إلى ختامها، وكذلك سورة القتال ولم يتضمن إلا الأمر مقتلهم وأسرهم وتجعيل حربهم ﴿فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب﴾ [محمد : ٤] وأما سورة الفتح فما تضمنته من البشارة والفتح أشد على الكفار من كل ما قرعوا به، ولم تخرج عن الغرض المتقدم، وكذا سورة الحجرات لتضمنها من الأمر بتقدير النبي ﷺ وإجلاله ما يقر عين المؤمن ويقتل العدو الحاسد وما فيها أيضاً من إتلاف أمر المؤمنين وجمع كلمتهم وتآخيهم، وموقع هذا لا يخفى على أحد، وأما سورة الذاريات والطور والنجم فما تضمنته مما ذكرناه قبل أوضح شيء، وبذلك افتتحت كل سورة منها فتأمل مطالعها ففي ذلك كفاية في الغرض - والله تعالى هو أعمل بالصواب، فلما انتهى ما قصد من تقريع مكذبي رسول الله ﷺ وبلغت الآي في هذه السورة من ذلك أقصى غاية، وتمحض باطلهم وانقطع دابرهم، ولم يحيروا جواباً فيما عرض عليهم سبحانه في سورة القمر من أحوال الأمم مع أنبيائهم، وكان القصد من ذلك - والله أعلم - مجرد التعريف بأنهم ذكروا فكذبوا فأخذنا ليتبين لهؤلاء أن لا فرق بينهم وبين غيرهم وأن لا يغرهم عظيم حلمه سبحانه عنهم، فهذه اسورة إعذار عند تبكيتهم وانقطاع حجتهم بما تقدم وبعد أن انتهى الأمر في وعظهم وتنبيههم بكل آية إلى غاية يعجز عنها البشر، ولهذا افتتح سبحانه هذه السورة بقوله تعالى :﴿ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدر حكمة بالغة فما تغن النذر﴾ وختمها سبحانه بقوله :﴿أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر﴾ وهذا يبين ما قدمنا وكان قد قيل لهم : أي فرق بينكم وبين من تقدم حتى ترتكبوا مرتكبهم وتظنوا أنكم ستفوزون بعظيم جزائكم، فذكر سبحانه لهم قصة كل أمة وهلاكها عند