والتذكير لما عنده بكون الاستجابة بإذن الله تعالى ووراء ذلك من المشاكل والمتشابه ما لا يتوقف عليه ما ذكره وحسب عموم المؤمنين الإيمان بجميعه والعمل بمحكمه، ثم يفتح الله تعالى فهم ذلك على من شرفه به وأعلى درجته، فيتبين بحسب ما يشرح الله تعالى صدره ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾ ومن تيسر المقصود المتقدم تكرار قصص الأنبياء مع أممهم في عدة سور أيّ حفظ مها أطلع على ما هو كاف في الاعتبار بهم، ثم إذا ضم بعضه إلى بعض اجتمع منه ما لم يكن ليحصل محمد ﷺ، وصراطاً مستقيماً ونوراً مبيناً، ولما ذكر سبحانه عواقب الأمم في تكذيبهم قال لمشركي العرب :﴿أكفاركم خير من أولائكم﴾ ومن هذا النمط قول شعيب عليه السلام :﴿ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعدي﴾ [هود : ٨٩] ثم قال تعالى :﴿أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر﴾ إي إنكم تعلقتم بتألفكم وجماعتكم فسأفرق ذلك بهزيمكتم يوم بدر بقتل صناديدكم فما حجتكم بعد هذا، إنما مساق القصص في هذه السورة واعتماد التعريف بحال من ذكر في أن كذبوا وعاندوا، فأعقب تذكيبهم أخذهم وهلاكهم، ثم تعقب هذا كله بصرف الكلام في مشركي العرب في قوله :﴿أكفاركم خير من أولائكم﴾ وليس شيء من السور المذكورة فيها قصص على هذا الاستيفاء كالأعراف وهود، وبظاهرهما ليس في شيء من ذلك تعقيب بذكر مشركي العرب على الصفة الواردة هنا، فأنبأ ذلك بكمال المقصود من الوعظ والتحريك بذكره وانقضاء هذا الغرض، وذلك أنهم ذكروا أولاً بعرض أحوال الأمم والتعريف بما آل إليه أمرهم، وكان ذلك في صورة عرض من يريد تأديب طائفة من إليه نظرهم قبل أن يظهر منهم تمرد وعناد، فهو يستلطف في دعائهم ولا يكلمهم تكليم الواجد عليهم، بل يفهم الإشفاق والاستعطاف وإرادة الخير بهم ثم يذكرهم بذلك ويكرره عليهم المرة بعد المرة وإن


الصفحة التالية
Icon