بالغة بذكر من حرمه بعد إشرافه عل الفوز وهو الذي أخلد إلى الأرض واتبع هواه فقال بعد ذلك ﴿فاقصص القصص لعلهم يتفكرون﴾ [الأعراف : ١٧٦] وتذكيره إياه لمحنة الغفلة إلى ما ختمت به السورة وذلك غير خاف في التلطف بالموعظة وقال تعالى بعد قصص سورة هود :﴿وكذلك أخذ ربك﴾ [هود : ١٠٢] الآية، وقال تعالى :﴿فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء - إلى قوله :{وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص﴾ [هود : ١٠٩] وتكررت الآي إلى آخر السورة يجاري ما ذكر ولم تبق هذه وآي الأعراف في تلطف الاستدعاء، وقال تعالى في قصص آخر سورة المؤمنين :﴿فذرهم في غمرتهم إلى حين - إلى قوله : لا يشعرون﴾ [المؤمنون : ٥٤] ثم قال :﴿ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون﴾ [المؤمنون : ٦٤] استمرت الآي على شدة الوعيد يتلو بعضها بعضاً إلى قوله :﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون﴾ [المؤمنون : ١١٥] وقوله تعالى بعد :﴿إنه لا يفلح الكافرون﴾ ﴿المؤمنون : ١٧] ولم يبين هذه الآي، وبين الواقعة عقب قصص سورة هود، وقال في آخر قصص الظلمة :{وإنه لتنزيل رب العالمين﴾ [الشعراء : ١٩٢] إلى قوله خاتمة السورة :﴿وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ [الشعراء : ٢٢٧] فوبخهم وعنفهم ونزه نبيه ﷺ عن توهمهم وعظيم إفكهم وافترائهم، وكل هذا تعنيف وإن لم يتقدم له مثله في السورة المذكورة، ثم هو صريح في مشركي العرب معين لهم في غير تلويح ولا تعريض، ثم إنه وقع عقب كل قصة في هذه السورة قوله تعالى :﴿إن في ذلك﴾ وفيه تهديد ووعيد، وقال تعالى في آخر والصافات :﴿فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبونه﴾ [الصافات : ١٤٩] وهذا أعظم التوبيخ وأشد التقريع، ثم نزه نبيه سبحانه عن بهتان مقالهم وسوء ارتكابهم وقبح فعالهم، بقوله :﴿سبحان ربك رب العزة عما يصفون﴾