ولما كان ذلك مفظعاً لقلوب المحقين، سلاهم بالوصول إلى محط تظهر فيه الحقائق وتضمحل فيه الشقاشق، فقال عاطفاً على ما تقديره : فسيستقر أمر كل من أمر المحق والمبطل في قراره، ويطلع على دقائقه وأسراره :﴿وكل أمر﴾ من أموركم وغيرها ﴿مستقر *﴾ أي ثابت وموجود، انتهاؤه إلى غاية تظهر فيها حقيقته من غير حيلة تصاحبه إلى رد ذلك القرار ولا خفاء على أحد، فلا بد أن ينتهي الحق من كل شيء من الآجال والهدايات والضلالات والسعادات والشقاوات وغيرها إلى نهايته فيثبت ثبوتاً لا زوال له، وينتهي الباطل مما دعاه الخلق فيه إلى غايته فيتلاشى تلاشياً لا ثبات له بوجه من الوجوه، فإذا استقرت الأمور ظهر ما لهم عليه وعلموا الخاسر من الفائز، وفي مثل هذا قال ابن عمرو التيمي أخو القعقاع في وقعة السي ( ؟) من بلاد العراق :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٤٥
والموت خيلنا لما التقينا بقارن والأمور لها انتهاء.
وقرأ أبو جعفر بالجر صفة لأمر، فيكون معطوفاً على الساعة أي واقترب كل أمر الباطل وفواته.
ولما حذر وبشر قال معلماً أنه محيط العلم بأمرهم من قبل الإجابه إلى شق القمر وأنه ما شقه لطمع في إيمانهم بلا للأعلام بخذلانهم مؤكداً لمن يتعلق رجاؤه بأن تواتر الآيات ربما أوجب لهم التصديق المتضمن لأن ما جاءهم ليس فيه كفاية :﴿ولقد جاءهم﴾ من قبيل الانشقاق ﴿من الأنباء﴾ أي الأمور العظيمة المرئية، المسموعة التي تستحق لعظمتها أن يخبر بها إخباراً عظيماً سيما ما جاء في القرآن من تفصيل أصول الدين وفروعه وأخبار الأولين والآخرين والأولى والأخرى ﴿ما فيه﴾ خاصة ﴿مزدجر *﴾ أي موضع للزجر من شأنه أن يكون لهم به انزجار عظيم عما فيه من الباطل، ولكن لم يزدجر منهم إلا من أراد الله، قال القشيري : لأن الله أسبل على أبصارهم سجوف الجهل فعموا عن مواضع الرشد.