ولما كان ذلك خارقاً للعادة فكان يمكن أن يكون في السفينة خارق آخر بإسكانها على ظهر الماء من غير حركة، بين أن الأمر ليس كذلك فقال مظهراً خارقاً آخر في جريها :﴿تجري﴾ أي السفينة ﴿بأعيننا﴾ أي محفوظة أن تجخل بحر الظلمات، أو يأتي عليها غير ذلك من الآفات، بحفظنا على ما لنا من العظمة حفظ من ينظر الشيء كثرة ولا يغيب عنه أصلاً، وجوزوا أن يكون جمع تكسير لعين الماء، ثم علل ذلك بقوله :﴿جزاء﴾ أي لعبدنا نوح عليه السلام، ولكنه عبر هنا بما يفهم العلة ليحذر السامع وقوع مثل ذلك العذاب له إن وقع منه مثل فعل قومه فقال :﴿لمن﴾ وعبر عن طول زمان كفرهم بقوله :﴿كان كفر *﴾ أي وقع الكفر به وهو أجل النعم، فقال على أهل ذلك الزمان وذلك جزاء من كفر النعم، ويجوز أن يكون المراد به قومه بين أنه وقع الكفر منهم وقوعاً كأنهم مجبولون عليه حتى كأنه وقع عليهم لتوافق قراءة مجاهد بالبناء.
للفاعل.
ولما تم الخبر عن نجاته بحمله فيها، نبه عن آثارها بقوله :﴿ولقد تركناها﴾ أي هذه الفعلة العظيمة من جري السفينة على هذا الوجه وإبقاء نوعها دالة على ما لنا من العظمة، وقيل : تلك السفينة بعينها بقيت على الجودي حتى أدرك بقايا ما هذه الأمة ﴿آية﴾ أي علامة عظيمة على ما لنا من العلم المحيط والقدرة التامة ﴿فهل من مدكر *﴾ أي مجتهد في التذكير بسبب هذا الأمر لما يحق على الخلق من شكر الخالق بما هدت إليه رسله كما قالوه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٥٠