ولما كان عادة الملوك أو بعضهم أنه إذا أهلك قوماً كثيرين من جنده نجا ناس مثلهم بمثل ذنوبهم أن يرفع بهم، ويستألفهم لئلا يهلك جنده، نجا ناس مثلهم بمثل ذنوبهم ان يرفع بهم، ويستألفهم لئلا يهلك جنده، فيختل ملكه، عقب الإخبار بتكذبيهم الإعلام بتعديهم لأنه لا يبالي بشيء لأن كل شيء في قبضته، ولما كان تكذيبهم إلا بإرادته كا أن عذابه بمشيئته، قال مسبباً عن ذلك :﴿فكيف﴾ أي فعلى
٣٥٥
الأحوال لأجل تكذيبهم ﴿كان عذابي لهم ونذر *﴾ أي وإنذاري إياهم بلسان رسولي، وكرر في آخر قصتهم هذا الاستخبار، فكان في قصتهم مرتين كما تقدم من سره - والله أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٥٠
ولما ذكر تكذيبهم وأعقبه تعذيبهم، علم السامع أنه شديد العظمة فاستمطر أن يعرفه فاستأنف قوله، مؤكداً تنبيهاً على أن قريشاً أفعالهم في التكذيب كأفعالهم كأنهم يكذبون بعذابهم :﴿إنا أرسلنا﴾ بعظمتنا، وعبر بحرف الاستعلاء إعلاماً بالنقمة فقال :﴿عليهم ريحاً﴾ ولما كانت الريح ربما كانت عياناً، وصفها بما دل على حالها فقال : ووصف سيرهم إلى الداعي بالإسراع، ناسب أن يعبر عن عذابهم بأقل ما يمكن، فعبر باليوم الذي يراد به الجنس الشامل للقليل والكثير وقد يعبر به عن مقدار من الزمان يتم فيه أمر ظاهر سواء لحظة أو أياماً أو شهوراً أو كثيراً من ذلك أو أقل كيوم البعث ويوم بدر ويوم الموت بقوله تعالى :- ﴿إلى ربك يومئذ المساق﴾ - [القيامة : ٣٥] :﴿في يوم﴾ وأكد شؤمها بذم زمانها فقال :﴿نحس﴾ أي شديد القباحة، قيل : كان يوم الأربعاء آخر الشهر وهو شوال لثمان بقيت إلى غروب الأربعاء، وحقق لأن المراد باليوم الجنس لا الواحد بالوصف فقال :﴿مستمر *﴾ أي قوي في نحوسته نافذ ماض فيما أمر به من ذلك شديد أسبابه، موجود مرارته وجوداً مطلوباً من مرسله في كل وقت، مستحكم المرارةقويها دائمها إلى وقت إنفاذ المراد.