ولما علم من هذا أنه سانه فصل الأمر بينهم، تشوف السامع إلى علم ذلك فقال تعالى مستأنفاً دالاً بأنهم طالبوه بآية دالة على صدقه :﴿إنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿مرسلو الناقة﴾ أي موجدوها ومخرجوها كما اقترحوا من حجر أهلناه لذلك وخصصناه من بين الحجارة دلالة على إرسالنا صالحاً عليه السلام : مخصصين له من بين قومه، وذلك أنهم قالوا لصالح عليه السلام : نريد أن نعرف المحق منا بأن ندعو آلهتنا وتدعو إلهك فمن أجابه إلهه علم أنه المحق، فدعوا أوثانهم فلم تجبهم، فقالوا : ادع أنت، فقال : فما تريدون ؟ قالوا : تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة تبعر عشراء، فأجابهم إلى ذلك بشرط الإيمان، فوعدوه بذلك وأكدوا فكذبوا بعد ما كذبوا في أن آلهتهم تجيبهم، وصدق هو ﷺ في كل ما قال فأخبره ربه سبحانه أنه يجيبهم إلى إخراجها ﴿فتنة لهم﴾ أي امتحاناً يخالطهم به فيميلهم عن حالتهم التي وعدوا بها ويجيبهم عنها، وسبب سبحانه عن ذلك أمره بانتظارهم فيما يصنعون بعد إخراجهم لما توصلهم إليه عواقب الفتنة فقال :﴿فارتقبهم﴾ أي كلف نفسك انتاظارهم فيما يكون لهم جزاء على أعمالهم انتظار من يحرسهم وهو عالم عليم فإنهم واصلون بأعمالهم إلى الداهية التي تسمى بأم العرقوب ليكونوا كمن جعل في رقبته، ودل بصيغة الافتعال على أنه يكون له منه أذى بالغ قبل انفصال النزاع فقال :﴿واصطبر *﴾ أي الج نفسك واجتهد في الصبر عليهم ﴿ونبئهم﴾
٣٥٩
أي أخبرهم إخباراً عظيماً بأمر عظيم، وهو أن الماء الذي يشربونه وهو ماء بئرهم ﴿أن المائ قسمة بينهم﴾ أي بين ثمود وبين الناقة، غلب عليها ضمير من يعقل، يعني إذا بعثناها كان لهم يوم لا تشاركهم فيه في الماء، ولها يوم لا تدع في البئر قطرة يأخذاه أحد بعثناها كان لهم يوم لا تشاركهم فيه في الماء، ولها يوم لا تدع في البئر قطرة يأخذها أحد منهم، وتوسع الكل بدل الماء لبناً.


الصفحة التالية
Icon