زولما أخبر عن أحوال الكفرة في الدنيا والآخرة واعظاً بها وإعلاماً بعظمته وعليّ صفاته وسعة مملكته وشامل علمه وقدرته، ختم بأحوال القسم الآخر من أهل الساعة وهم أهل طاعته تتميماً لذلك وإشارة وبشارة للسالك في أحسن المسالك، فقال مؤكداً رداً على المنكر :﴿إن المتقين﴾ أي العريقين في وصف الخوف من الله تعالى الذي أداهم إلى أن لا يفعلوا شيئاً إلا بدليل.
ولما كان من البساتين والمياه وما هو ظاهر بكل مراد على عكس ما عليه الضال البعيد عن القسد الواقع في الهلاك والنار قال :﴿في جنات﴾ أي في بساتين ذات أشجار تسر داخلها، قال القشيري : والجمع إذا قوبل
٣٦٨
بالجمع فالأحاد تقابل الأحاد.
ولما كانت الجنان لا تقوم وتدوم إلا بالماء قال :﴿ونهر *﴾ وأفرده لأن التعبير بـ " في " مفهم لعمومهم به عموم ما كأنه ظرف وهم مظروفون له، ولكثرة الأنهار وعظمها حتى أنها لقرب بعضها من بعض واتصال منابعها وتهيئ جميع الأرض لجري الأنهار منها كأنها شيء واحد، وما وعد به المتقون من النعيم في تلك الدار فرقائقه معجلة لهم في هذه الدار، فلهم اليوم جنات العلوم وأنهار المعارف، وفي الآخرة الأنهار الجارية والرياض والأشجار والقصور والزخارف، وهو يصلح مع ذلك لأن يكون مما منه النهار فيكون المعنى : أنهم في ضياء وسعة لا يزايلونه أصلاً بضد ما عليه المجرم من العمى الناشئ عن الظلام، ولمثل هذه الأغراض أفرد مع إرادة الجنس لا للفاصلة فقط.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٦٦


الصفحة التالية
Icon