ولما ذكر مباينته للمخلوقات، وصفه بالإحاطة الكاملة بالنزاهة والحمد، وقال واصفاً الوجه لأن المراد به الذات الذي هو أشرفها معبراً به ولأنها أبلغ من " صاحب " وبما ينبه على التنزيه عما ربما توهمه من ذكر الوجه بليد جامد مع المحسوسات يقيس الغائب - الي لا يتعريه حاجة ولا يلم بجنابه الأقدس نقص - بالشاهد الذي كله نقص وحاجة ﴿ذو الجلال﴾ أي العظمة التي لا ترام وهو صفة ذاته التي تقتضي إجلاله عن كل ما لا يليق به ﴿والإكرام *﴾ أي الإحسان العام وهو صفة فعله.
ولما كان الموت نفسه فيه نعم لا تنكر، وكان موت ناس نعمة على ناس، مع ما
٣٨٥
ختم به الآية من وصفه بالإنعام قال :﴿فبأيّ آلاء ربكما﴾ أي المربي لكما على هذا الوجه الذي مآله إلى العدم إلى أجل مسمى ﴿تكذبان *﴾ أي أيها الثقلان الإنس والجان، أبنعمة السمع من جهة الأمام أو غيرها من إيجاد الخلق ثم إعدامهم وتخليف بعضهم في أثر بعض وإيراث البعض ما في يد البعض - ونحو ذلك من أمور لا يدركها على جهتها إلا الله تعالى.
ولما كان أدل دليل على العدم الحاجة، وعلى دوام الوجود الغنى، قال دليلاً على ما قبله :﴿يسئله﴾ أي على سبيل التجدد والاستمرار ﴿من في السموات﴾ أي كلهم ﴿والأرض﴾ أي كلهم من ناطق أو صامت بلسان الحال أو القال أو بهما، ولما كان كأنه قيل : فماذا يفعل عند السؤال، وكان أقل الأوقات المحدودة المحسوسة ﴿اليوم﴾ عبر به عن أقل الزمان كما عبر به عن أخف الموزونات بالذرة فقال مجيباً لذلك :﴿كل يوم﴾ أي وقت من الأوقات من يوم السبت وعلى اليهود علنة الله وغضبه حيث قالوا في السبت ما هو مناف لقوله سبحانه وتعالى :﴿ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب﴾ [ق : ٣٨] ﴿ولا يؤده حفظهما هو العلي العظيم﴾ [البقرة : ٢٥٥] ﴿هو في شأن﴾ أي من إحداث أعيان وتجديد معان أو إعدام ذلك، قال القشيري : في فنون أقسام المخلوقات وما يجريه عليها من اختلفا الصفات - انتهى.