ولما كان حفظ السماء عن مثل ذلك بتأخير إرسال هذا وغيره من الأسباب وجعلها محل الروح والحياة والرزق من أعظم الفواضل قال مسبباً عنه :﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي المربي لكما هذا التدبير المتقن ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة المسع من تحت أو غيرها وليس شيء بما أخبرتكم به من أحوال الآخرة إلا قد أقمت لكم في الدنيا ما تهتدون به إلى العلم بكونه، ولما كان يوم القيامة ذا ألوان كثيرة وموافقة مهولة طويله شهيرة تكون في كل منها شؤون عظيمة وأمور كبيرة، ذكر بعض ما سببه هذا الوقت من التعريق بالمعاصي والطائع بآيات جعلها الله سبباً في علمها فقال :﴿فيومئذ﴾ أي فسبب عن يوم انشقت السماء لأنه ﴿لا يسئل﴾ سؤال تعرف واستعلام بل سؤال تقريع وتوبيخ وكلام، وذلك أنه لا يقال له : هل فعلت كذا ؟ بل يقال له : لم فعلت كذا، على أنه ذلك اليوم طويل، وهو ذو ألوان تارة يسأل فيه وتارة لا يسأل، والأمر في غاية الشدة، وكل لون من تلك الألوان يسمى يوماً، فقد مضى في الفاتحة أن اليوم عبارة عن وقت يمتد إلى انقضاء أمر مقدر فيه ظاهر من ليل أو نها رأو غيرهما لقوله تعالى ﴿إلى ربك يومئذ المساق﴾ [القيامة : ٣٠] أي يوم إذا بلغت الروح التراقي وهو لا يختص بليل ولا نهار، وبناه للمفعول تعظيماً للأأمر بالإشارة إلى أن شأن المترف بالذنب لا يكون خاصاً بعهد دون عهد بل يعرفه كل من أراد علمه، وأضمر قبل الذكر لما هو مقدم في الرتبة ليفهم الاختصاص فوجد الضمير لأجل اللفظ فقال :﴿عن ذنبه﴾ أي خاصة وقد سئل المحسن عن حسنته سؤال تشريف له وتنديم لمن دونه.
ولما كان الإنس أعظم مقصود بهذا، ولهذا كان الرسول ﷺ منهم، وكان التعريف
٣٩٠


الصفحة التالية
Icon