ولما كان ذلك نعمة لا يقام بشكرها لكل من يسمعها لأن كل أحد ينتفي من الإجرام ويود للمجرمين عظيم الانتقام، سبب عنه قوله :﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أ النعم الكبار من الذي دبر مصالحكم بعد أن أوجدكم ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة الشم من الوراء أم بغيرها مما يجب أن يفعل من الجزاء في الآخرة لكل شخص بما كان يعمل في الدنيا أو غير ذلك من الفضل.
ولما كان أخذهم على هذا الوجه مؤذناً بأنه يصير إلى خزي عظيم، صرح به في قوله، بانياً على ما هدى إليه السياق من نحو : أخذاً مقولاً فيه عند وصولهم إلى محل النكال على الحال التي ذكرت من الأخذ بنواصيهم وأقدامهم، ﴿هذه﴾ أي الحفرة العظيمة الكريهة المنظر " القريبة منكم " الملازمة للقرب لكم ﴿جهنم التي يكذب﴾ أي ماضياً وحالاً ومآلاً استهانة ﴿ولو ردوا - إلى الدنيا - بعد إدخالهم إياها - لعادوا لما نهوا عنه﴾ [الأنعام : ٢٨] ﴿بها المجرمون *﴾ أي العريقون في الإجرام، وهو قطع ما من
٣٩١
حقه أن يوصل وهو ما أمر الله به، وخص هذا الاسم إشارة إلى أنها تلقاهم بالتجهم والعبوسة والكلاحة والفظاظة كما كانوا يفعلون مع الصالحين عند الإجرام المذكور، قال ابن برجان : وقرأ عبد الله " هذه جهنم التي كنتم بها تكذبان فتصليانها لا تموتان فيها ولا تحييان " ثم استأنف ما يفعل بهم فيها فقال :﴿يطوفون بينها﴾ أي بين دركة النار التي تتجهمهم ﴿وبين حميم﴾ أي ماء حار هو من شدة حرارته ذو دخان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٨٩