ولما كان هذا السام يطلق على البارد، بين أمره فقال :﴿آن﴾ أي بالغ حره إلى غاية ليس وراءها غاية، قال الرازي في اللوامع : وقيل : حاضر، وبه سمي الحال بالآن لأنه الحاضر الموجود، فإن الماضي لا تدارك له والمستقبل أمل وليس لنا إلا الآن، ثم " الآن " ليس بثابت طرفة عين، لأن الآن هوالجزء المشترك بين زمانين، فهم دائماً يترددون بين عذابي النار المذيبة للظاهر والماء المقطع بحره للباطن لا يزال حاضراً لهم تردد الطائف الذي لا أول لتردده ولا آخر.
ولما كانت عذاب المجرم - القاطع لما من شأنه أن يكون متصلاً - من أكبر النعم وأسرها لكل أحد حتى لمن سواه من المجرمين، سبب قوله :﴿فبأي آلاء ربكما﴾ أي المحسن إليكما أيها الثقلان بإهلاك المجرم في الدارين وإنجاء المسلم مما أهلك به المجرم لطفاً بالمهددين ليرتدعوا ونزجروا عما يكون سبب إهلاكهم هم ومن والاهم من بيناته، في السماوات والأرض، وما أراكم من مطالع الدنيا من الشمس التي هي آية النهار والقمر الذي هو آية الزمهرير، وغير ذلك من آياته المحكمة المرئية المسموعة، وقد كررت هذه الآية عقب ذكر النار وأهالها سبع مرات تنبيهاً على استدفاع أبوابها السبعة كما مضى - والله المستعان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٨٩
ولما كان قد عرف ما للمجرم المجترئ على العظائم، وقدمه لما اقتضاه مقام التكبر من الترهيب وجعله سبعاً إشارة إلى أبواب النار السبعة، عطف عليه ما للخائف الذي أده خوفه إلى الطاعةوجعله صمانية على عدد أبواب الجنة الثمانية فقال :﴿ولمن﴾
٣٩٢
أي ولكل من، ووحد الضمير مراعاة للفظ ﴿من﴾ إشارة إلى قلة الخائفين ﴿خاف﴾ أي من الثقلين.


الصفحة التالية
Icon