ولما كان ما ذكر لا تتم نعمته إلا بالنسوان الحسان، قال دالاًّ على الكثرة بعد سياق الامتنان بالجمع الذي هو أولى من التثنية بالدلالة على أن في كل بستان جماعة من النسوان، لما بهن من عظيم اللذة وفرط الأنس :﴿فيهن﴾ أي الجنان التي علم مما مضى أن لكل فرد من الخائفين منها جنتين.
ولما كان سياق الامتنان معرفاً بأن جمع القلة أريد به الكثرة مع ما ذكر من محسناته في سورة " ص " قال معبراً به :﴿قاصرات الطرف﴾ أي نساء مخدرات هن في وجوب الستر بحيث يظن من ذكرهن بغير الوصف من غير تصريح، قد قصرن طرفهن وهممهن على أزواجهن ولهن من الجمال ما قصرن به أزواجهن عن الالتفات إلى غيرهن لفتور الطرف وسحره وشدة أخذه للقلوب جزاء لهم على قصر هممهم في الدنيا على ربهم.
ولما كان الاختصاص بالشيء لا سيما المرأة من أعظم الملذذات قال :﴿لم يطمثهن﴾ أي يجامعهن ويتسلط عليهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه نوع من أنواع السلطة سواء من غنسيات أو جنيات أو غير ذلك، يقال : طمثت المرأة كضرب وفرح : حاضت، وطمثها الرجل : افتضها وأيضاً جامعها، والبعير عقلته، فكأنه قيل : هن أبكار لم يخالط موضع الطمث منهن ﴿إنس﴾ ولما كان المراد تعميم الزمان أسقط الجارّ فقال :﴿قبلهم﴾ أي المتكئين ﴿ولا جان *﴾ وقد جمع هذا كل من يمكن منه جماع من ظاهر وباطن، وفيه دليل على أن الجني يغشى الإنسي كما نقل عن الزجاج ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة اللمس من جهة اليمنى أم غيرها مما جعله الله لكم مثالاً لهذا من الأبكار الحسان، أو غير ذلك من أنواع الإحسان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٩٢


الصفحة التالية
Icon