ولما دل ما تقدم من وصف المستمتع بهن بالعزة والنفاسة، زاده على وجه أفاد أنه يكون بهن غاية ما يكون من سكون النفس وقوة القلب وشدة البدن واعتدال الدم وغير ذلك من خواص ما شبههن به فقال :﴿كأنهن الياقوت﴾ الذي هو في صفاته بحيث يشف عن سلكه وهو جوهر معروف، قال في القاموس : أجوده الأحمر الرماني نافع
٣٩٥
للوسواس والخفقان وضعف القلب شرباً ولجمود الدم تعليقاً :﴿والمرجان *﴾ في بياضه، وصغار الدر أنصع بياضاً، قال أبو عبد الله القزاز : والمرجان صغار اللؤلؤ، وهذا الذي يخرج من نبات البحر أحمر معروف - انتهى.
وقد يستفاد من ذلك أن ألوانهن وهو مع ذلك صابت لا يعتريه تغير ليطابق الحديث الذي فيه "يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة" وقال أبو حيان : شبههن بهما فيما يحسن التشبيه به فالياقوت في أملاسه وشفوفه والمرجان في أملاسه وجمال منظره ﴿فبأيِّ آلاء ربكما﴾ أي النعم الغريبة البالغة في الحسن من المالك الملك المربي ببدائع التربية ﴿تكذبان *﴾ أبنعمة اللمس من جهة اليسرى أم غيرها مما جعله مثالاً لما ذكر من وصفهن من تشبيه شيء بشيئين لبلوغ الأمر في الحسن إلى حد لا يساويه فيه شيء واحد ليشبه به، فهو كما قيل : بيضاء في دعج صفراء في نعج كأنها فضة قد شابها ذهب، وقد جعل سبحانه الأشياء الشفافة مثلاً لذلك وأنت ترى بعض الأجسام يكاد يرى فيه الوجه بل في سواد العين أعظم غرة حيث يرى فيه الوجه فإن السواد منشأ الظلام.