ولما تم التقرير بالنعم المحيطة بالجهات الست والحواس الخمس على الوجه الأكل من درء المفاسد وجلب المصالح كما تقدمت الإشارة إليه بمدكر، بقوله :﴿فهل من مدكر﴾ [القمر : ١٧] في القمر، بالحسن فيها إلى الحواس الخمس وبتكرارها، وتكرار ﴿كيف كان عذابي ونذر﴾ [القمر : ١٨] ستاً إلى الجهات الست من جهة الوراء والخلف، أوترها بنعمة أخرى واحدة إشارة إلى أن السبب في هذا اعتقاد وحدانية الواحد تعالى اعتقاداً أدى الخضوع لأمر مرسل كلما جاء من عنده تعالى فلذلك كانت نعمة لا تنقطع أصلاً، بل كلما تم دور منها ابتدأ دور آخر جديد، وهكذا على وجه لا انقطاع له أبداً كما أن الواحد الذي هو أصل العدد لا انتهاء له أصلاً، وهذه النعمة الدالة على الراحة الدائمة التي هي المقصودة بالذات على وجه لا يرى أغرب منه ولا أشرف، فقال تعالى مبيناً حال المحسنين ومن دونهم مشركاً لهم في الراحة على ما لا عين رأت ولا أذن
٣٩٩
سمعت ولا خطر على قلب بشر :﴿متكئين﴾ أي لهم ذلك في حال الاتكاء ديدناً لأنهم لا شغل لهم بوجه إلا التمتع ﴿على رفرف﴾ أي ثياب ناعمة وفرش رقيقة النسج من الجيباج لينة ووسائد عظيمة ورياض باهرة وبسط لها أطراف فاضلة، ورفرف السحاب هدبه أي ذيله المتدلي.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٩٧