ولما ذكر السابقين فصلهم فقال :﴿ثلة﴾ أي جماعة كثيرة حسنة، وقال البغوي : والثلة جماعة غير محصورة العدد، ﴿من الأولين *﴾ وهم الأنبياء الماضون عليهم الصلاة والسلام، ومن آمن بهم من غير واسطة رضي الله عنهم ﴿وقليل من الآخرين *﴾ وهم من آمن بمحمد - عليه الصلاة والسلام مائة ألف ونيفاً وعشرين ألفاً، وكان من خرج مع موسى عليه السلام من مصر وهم من آمن به من الرجال المقاتلين ممن هو فوق العشرين ودون الثمانين وهم ستمائة ألف فما ظنك بمن عداهم من الشيوخ ومن دون العشرين من التابعين والصبيان ومن النساء، فكيف بمن عداه من سائر النبيين عليهم الصلاة والسلام.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٠٢
المجددين من بني إسرائيل وغيرهم، وقيل " الثلة والقليل كلاهما من هذه الأمة "، رواه الطبراني وابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه أبان بن أبي عياش وهو متروك ورواه إسحاق بن راهويه مسدد بن مسرهد وأبو داود الطيالسي وإبراهيم الحربي
٤٠٥
والطبراني من رواية علي بن زيد وهو ضعيف عن عقبة بن صهبان عن أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أولى بالصواب، وتطبيقه على هذه الأمة سواء كان مرفوعاً أو موقوفاً صحيح لا غبار عليه، فتكون الصحابة رضي الله عنهم كلهم من هذه الثلة وكذا من تبعهم بإحسان إلى رأس القرن الثالث وهم لا يحصيهم إلا الله تعالى، ومن المعلوم أنه تناقص الأمر بعد ذلك إلى أن صار السابق في الناس أقل من القليل لرجوع الإسلام إلى الحال الذي بدأ عليها من الغربة "بدأ الإسلام غريباً وسيكون غريباً فطوبى للغرباء" ويجوز أن يقدر أيضاً : وثلة - أي جماعة كثيرة هلكى - من الأولين، وهم المعاندون من الأمم الماضين، وقليل من الآخرين - وهم المعاندون من هذه الأمة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٠٢