عذر له في تركه، ويكون المعنى أنكم مع كثرة اعتيادكم للفرج بعد الشدة عن قرب تيأسوا أول ما يصدمكم البلاء، فتقبلون على كثرة الشكاية، ولا ينفعكم كثرة التجارب لإدرار النعم أبداً.
ولما ذكر تفكههم، وكان التفكه يطلق على ما ذكر من التعجب والتندم وعلى
٤١٨
التنعم، قال الكسائي : هو من الأضداد، تقول العرب : تفكهت أي تنعمت، وتفكهت، أي حزنت، بين المراد بقوله حكاية لتفكههم :﴿إنا﴾ وأكد إعلاماً بشدة بأسهم فقال ﴿لمغرمون *﴾ أي مولع بنا وملازمون بشر دائم وعذاب وهلاك لهلاك رزقنا، أو مكرمون بغرامة ما أنفقنا ولم ينتفع به، وقراءة أبي بكر عن عاصم بالاستفهام لإنكار هذا الواقع والاستعظام له والتعجب منه، وهي منبهة على أنهم لشدة اضطرابهم من ذلك الحادث مذبذبون تارة يجزمون باليأس والشر وتارة يشكون فيه وينسبون الأمر إلى سوء تصرفهم، وعليه يدل إضرابهم :﴿بل نحن﴾ أي خاصة ﴿محرمون *﴾ أي حرمنا غيرنا زرعه، قال في القاموس : الغرام : الولوع والشر الدائم والهلاك والعذاب، والغرامة ما يلزم أداؤه، وحرمه : منعه، والمحروم، الممنوع عن الخير ومن لا ينمى له مال والمحارف - أي بفتح الراء - وهو الممنوع من الخير الذي لا يكاد يكتسب، وقال الأصبهاني في تفسيره : والمحروم ضد المرزوق، أي والمرزوق المجرود بالجيم وهو المحظوظ.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤١٧