ولما أمر بالإنفاق ووصفه بما سهله، سبب عنه ما يرغب فيه فقال مبالغاً في تأكيد الوعد لما في ارتكابه من العسر بالتعبير عنه بالجملة الاسمية وبناء الحكم على الضمير بالوصف بالكبير وغير ذلك :﴿فالذين آمنوا﴾ وبين أن هذا خاص بهم لضيق الحال في زمانهم فقال :﴿منكم وأنفقوا﴾ أي من أموالهم في الوجوه التي ندب إليها على وه الإصلاح كما دل عليه التعبير بالإنفاق ﴿لهم أجر كبير *﴾ أي لا تبلغ عقولكم حقيقة كبره فاغتنموا الإنفاق في أيام الستخلافكم قبل عزلكم وإتلافكم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٣٨
ولما رغب في الإنفاق والإيمان، وكان الإيمان مقتضى بالإنفاق، عجب ممن لا يبادر إلى الحاصل على كل خير، فقال مفصلاً لما أجمل من الترغيب فيهما، بادئاً بأبين كل خير، منفساً عنهم بالتعبير بأداة الاستقبال بالبشارة بالعفو عن الماضي مرهباً موبخاً لمن لا يبادر إلى المضمون ما دخل عليه الاستفهام، عاطفاً على ما تقديره : فما لكم لا تبادرون إلى ذلك :﴿وما﴾ أي وأيّ شيء ﴿لكم﴾ من الأعذار أو غيرها في أنكم، أو حال كونكم ﴿لا تؤمنون بالله﴾ أي تجددون الإيمان - أي تجديداً مستمراً - بالملك الأعلى أي الذي له الملك كله ولأمر كله بعد سماعكم لهذا الكلام : لأن " لا " لا تدخل على مضارع إلا وهو بمعنى الاستقبال، ولو عبر بعبارة تدل على الحال لربما تعنت
٤٣٩


الصفحة التالية
Icon