ولما أمرهم بالإيمان والإنفاق، وكان الإيمان مع كونه الأساس الذي لا يصح عمل بدونه ليس فيه شيء من خسران أو نقصان، فبدأ به لذلك، ورغب بختم الآية بالإشارة بالرأفة إلى أن من توصل إليه بشيء من الإيمان أو غيره زاده من فضله " من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً - إلى قوله : ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " عطف عليه الترغيب في التوصل إليه بالإنفاق منكراً على من تركه موبخاً لمن حاد عنه هو يعلم أنه فان، مفهماً بزيادة " أن " المصدرية اللوم على تركه في جميع الأزمنة الثلاثة فقال :﴿وما﴾ أي وأيّ شيء يحصل ﴿ألا تنفقوا﴾ أي توجدوا الإخراج للمال ﴿في سبيل الله﴾ أي في كل ما يرضي الملك الأعظم الذي له صفات الكمال لتكون لكم به وصلة فيخصكم بالرأفة التي هي أعظم الرحمة، فإنه ام بخل به أحد عن وجه خير إلا سلط الله عليه غرامة في وجه شر، وأظهر موضع الإضمار في جملة حالية باعثاً على الإنفاق بأبلغ بعث فقال :﴿ولله﴾ تأكيداً للعظمة بالندب إلى ذلك باستحضار جميع صفات الكمال لا سيما صفة الإرث المقتضية للزهد في الموروث ﴿ميراث﴾ أي الإرث والموروث والموروث عنه وغير ذلك ﴿السماوات والأرض﴾ جميعاً لا شيء فيهما أو منهما إلا هو كذلك يزول عن المنتفع به ويبقى لله بقاء الإرث، ومن تأمل أنه زائل هو وكل ما في يدد والموت من ورائه، ويد طوارق الحوادث مطبقة به، وعما قليل ينقل ما في يده إلى غيره هان عليه الجود بنفسه وماله.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٣٩
ولما رغبهم في الإنفاق على الإطلاق، رغبهم في المبادرة إليه، مادحاً أهله خاصاً منهم أهل السياق فقال :﴿لا يستوي﴾.
ولما كان المراد أهل الإسلام بين بقوله :
٤٤١
﴿منكم من أنفق﴾ أي أوجد الإنفاق في ماله وجميع قواه وما يقدر عليه.


الصفحة التالية
Icon