ولما كان زكاء الأعمال إنما هو بالنيات، وكان التفضيل مناط العلم، قال مرغباً في إحسان النيات مرهباً من التقصير فيها :﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة الشاملة بجميع صفات الكمال، وقدم الجار إعلاماً بمزيد اعتناء بالتمييز عند التفضيل فقال :﴿بما تعملون﴾ أي تجددون عمله على مر الأوقات ﴿خبير *﴾ أي عالم بباطنه وظاهره علماً لا مزيد عليه بوجه، فهو يجعل جزاء الأعمال على قدر النيات التي هي أرواح صورها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٣٩
٤٤٢
ولما فضل السابقين بالإنفاق، ووعد بالحسنى اللاحقين بحسن الاتباع، وأشار إلى أنه ربما ألحقهم ببعضهم بصفاء الإخلاص فتوفرت الدواعي على البذل، أثمر ذلك قوله مسيماً الصدقة التي صورتها صورة أخراج من غير عوض باسم القرش الذي هو إخراج بعوض ترغيباً فيها لما أعد عليها من الجزاء المحقق فكيف إذا كان مضاعفاً :﴿من﴾ وأكد بالإشارة بقوله :﴿ذا﴾ لأجل ام للنفوس من الشح ﴿الذي يقرض الله﴾ أي يعطي الذي له جميع صفات الجلال والإكرام بإعطاء المستحق لأجله عطاء من ماله هو على صورة القرض لرجائه الثواب ﴿قرضاً حسناً﴾ أي طيباً خالصاً فيه متحرياً به أفضل الوجوه كيبة به النس من غير من ولا كدر بتسويف ونحوه.
ولما كان ما يعطي الله المنفق من الجزاء مسبباً عن إنفاقه، ربطه بالفاء فقال عطفاً على ﴿يقرض﴾ :﴿فيضاعفه له﴾ مرغباً فيه بجعله مبالغاً بالتضعيف أولاً وجعله من باب المفاعلة ثانياً، وكذا التفضيل في قراءة ابن كثير وابن عامر ويعقوب ﴿فيضعفه﴾ وقرأه ابن عامر ويعقوب بالنصب جواباً للاستفهام تأكيداً للربظ والتسبيب.
ولما كانت المضاعفة منه سبحانه لا يعلم كنهها إلى هو قال :﴿وله﴾ أي المقرض من بعد ما تعقلونه من المضاعفة زيادة على ذلك ﴿أجر﴾ لا يعلم قدره إلى الله، وهو معنى وصفه بقوله :﴿كريم *﴾ أي حسن طيب زاك نام.


الصفحة التالية
Icon