ولما كانت صيغة التفعل تدل على التكلف حثاً على حمل النفس على التطبع بذلك حتى يصير لها خلقاً في غاية الخفة عليها فقال عاطفاً على صلة الموصول في اسم الفاعل معبراً بالماضي بعد إفهام الوصف الثبات دلالة على الإيقاع بالفعل عطفاً على ما تقديره موقعاً ضميراً المذكر على الصنفين تغليباً الذين صدقوا إيمانهم بالتصدق :﴿وأقرضوا الله﴾ الذي له الكمال كله بتصديقهم سواء كانوا من الذكور أو الإناث، وإنفاقهم في كل ما ندب إلى الإنفاق فيه، وأكد ووصف بقوله :﴿قرضاً حسناً﴾ أي بغاية ما يكون من طيب النفس وإخلاص النية في الصدقة والنفقة في سبيل الخير، وحسنه أن يصرف بصره إلى النظر إلى فعله والامتياز به وطلب العوض عليه، قال الرازي :﴿يضاعف﴾ أي ذاك القرض ﴿لهم﴾ ويثابون بحسب تلك المضاعفة لأن الذي كان القرض له سبحانه حليم كريم ولا يرضى في الخير إلا بالفضل، وثقل في قراءة ابن كثير وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب دلالة على المبالغة في التكثير، وعبر بالمفاعلة في قراءة الجماعة لإفهام أن تلك الكثرة مما لا بد من كونه، وأنه عمل فيه عمل من يباري آخر ويغالبه، وبنى للمفعول دلالة على باهر العظمة اللازم عنه كونه بغاية السهولة ﴿ولهم﴾ أي مع المضاعفة ﴿أجر كريم *﴾ أي لا كدر فيه بانقطاع ولا قلة ولا زيادة بوجه من الوجوه أصلاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٤٩
ولما بين سبحانه وتعالى أن الصدقة كالبذر الذي هو من أحسن الأرباح وأبهجها، بين الحامل عليها ترغيباً فيها، فقال عاطفاً بالواو، إشارة إلى التمكن في جميع هذه الصفات :﴿ولاذين آمنوا﴾ أى أوجوا هذه الحقيقة العظيمة في أنفسهم ﴿بالله﴾ أي الملك الأعلى الذي له الجلال والإكرام ﴿ورسله﴾ أى كلهم لما لهم من النسبة إليه،
٤٥٠


الصفحة التالية
Icon