ولما لم يكن هنا داع إلى أكثر من هذا التأكيد : بخلاف ما أشير إليه من الإخراج من الديار المذكورة في الحج ونحوه، قال معلماً بأنه غني عن كل شيء معرياً الخبر من اللام :﴿قوي﴾ أي فهو قادر على إهلاك جميع أعدائه وتأييد من ينصره من أولياءه ﴿عزيز *﴾ فهو غير مفتقر إلى نصر أحد، وإنما دعا عباده إلى نصر دينه ليقيم الحجة عليهم فيرحم من أراد بامتثال المأمور، ويعذب من يشاء بارتكاب المنهي، ببنائه هذه الدار على حكمة ربط المسببات بالأسباب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٥٧
ولما عم الرسل جامعاً لهم في البينات، فكان السامع جديراً بأن يتوقع التعيين، وخص من بينهم من أولي العزم أبوين جامعين في الذرية والرسالة، لأن ذلك أنسب لمقصود السورة لتبيين فضل محمد ﷺ الذي عم برسالته عموماً لم يكن لأحد غيره، فنوح عليه السلام أرسل لأهل الأرض لكونهم كانوا على لسان واحد، وعموم إبراهيم عليه السلام بأولاده علهيم السلام ونص بعدها على عيسى عليه السلام بما له من عموم الرسالة إلى بني إسرائيل بالنسخ والتشريع، ثم من نزوله في هذه الأمة بالتقرير والتجديد فقالك ﴿ولقد أرسلنا﴾ أي بما لنا من صفات الكمال والجمال والجلال ﴿نوحاً﴾ الأب الثاني، وجعلنا الأغلب على رسالته مظهر الجلال ﴿وإبراهيم﴾ أبا العرب والروم وبني إسرائيل الذي أكثر الأنبياء من نسله، وجعلنا الأغلب على رسالته مجلى الإكرام ﴿وجعلنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿في ذريتهما النبوة﴾ المقتضية للوصلة بالملك الأعظم لتنفيذ الأوامر ﴿والكتاب﴾ الجامع للأحكام الضابط للشرائع بأن استنبأنا بعض ذريتهما وأنزلنا إليهم الكتب فلا يوجد نبي ولا كتاب إلا وهو مدلٍ إليهما بأمتن الأسباب وأعظم الأنساب.
٤٦٠


الصفحة التالية
Icon