﴿وزوراً﴾ أي قولاً مائلاً عن السداد، منحرفاً عن القصد، لأن لازوجة معدة للاستمتاع الذي هو في الغاية من الامتهان، والأم في غاية البعد عن ذلك لأنها أهل لكل احترام، فلا هي أم حقيقة ولا شبيهة بها بأمر نصبه الشارع للاحترام كالإرضاع، وكونها فراشاً لعظيم كالنبي أو للأب أو للحرمة كاللعان، فقد علم أن ذلك الكلام ليس بصدق ولا جاء به مسوغ، فهو زور محض، وأخصر من هذا أن يقال : ولما كان ظهارهم هذا يشتمل على فعل وقول، وكان الفعل هو التحريم الذي هو موضع وجه الشبه، وكانت العادة في وجه الشبه أن يقنع منه بأدنى ما ينطلق عليه الاسم، وكانوا قد خالفوا ذلك فجعلوه في أعلى طبقاته وهو الحرمة المؤبدة التي يلزم منها أن تكون المشابهة من كل وجه في الحرمة مع أن ذلك بغير مستند من الله تعالى الذي لا حكم لغيره، ألزمهم أن يكون الشبه من كل وجه مطلقاً ليكونوا جاعلين الزوجة إما حقيقة لا دعوى كما جعلوا الحرمتين كذلك من غير فرق بل أولى لأن الشبه إنما وقع بين الحيثيتين لا بين الحرمتين - ثم وقفهم على جهلهم فيه فقال ﴿ما هن﴾ إلى آخره، ولما وقفهم على جهلهم في الفعل وقفهم على جهلهم في القول : فقال : وأنهم إلى آخره، قال النووي في الروضة : قال الأصحاب : الظهار حرام، وله حكمان : أحدهما تحريم الوطء إذا وجبت الكفارة إلى أن يكفر، والثاني وجوب الكفارة بالعود - انتهى، وهذا القول وإن أفاد التحريم فإنه يفيد لكونه ممنوعاً منه على وجه ضيق حرج المورد عسر المخرج ليكون عسره زاجراً عن الوقوع فيه، قال أبو عبد الله القزاز في ديوانه الجامع : وظاهر الرجل امرأته وظاهر من امرأته إذا قال : أنت عليّ كظهر أمي أو كذاب محرم، وإنما استخصوا الظهر في الظهار قال : ركوبك عليّ للنكاح كركوب أمي، وكان الظهار في الجاهلية طلاقاً، ولذلك
٤٨١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨٠


الصفحة التالية
Icon