ولما علم بالتكرير أن ما ذكر على سبيل المثال لا لمعنى يخصه من جهة بالعلم، عم بقوله :﴿ولا أدنى﴾ فبدأ بالقليل لأنه قبل الكثير وهو أخفى منه ﴿من ذلك﴾ أي الذي ذكر وهو الواحد والاثنان والأربعة لاذي بعيد عن رتبته وإن كان قد شرفه سبحانه بإطلاق معيته بعد أن لا نسبة له منها.
ولما كان العلم بالكثير أعسر من أجل النتشاره قال :﴿ولا﴾ أي يكون من نجوى ﴿أكثر﴾ أي من ذلك كالستة فما فوقها لا إلى نهاية - هذا التقدير على قراءة الجماعة بالجر بفتحة الراء ورفع يعقوب على محل من ﴿نجوى﴾ ﴿إلا هو معهم﴾ أي يعلم ما يجري منهم وبينهم، ويلزم من إحاطة علمه إحاطة قدرته كما تقدم في طه لتكمل شهادته.
ولما كان العموم في المكان يستلزم العموم في الزمان، وكان المكان أظهر في الحس قال :﴿أين ما﴾ أي في أيّ مكان ﴿كانوا﴾ فإنه لا مسافة بينه وبين شيء من الأشياء لأنه الذي خلق المسافة، وعلمه بالأشياء ليس لقرب مكان حتى يتفاوت باختلاف الأمكنة ولا بسبب من الأسباب غير وجوه على ما هو عليه من صفات الكمال، قال الرازي : ما فارق الأكوان الحق ولا قارنها، كيف يفارقها وهو موجدها وحافظها ومظهرها، وكيف يقارن الحدث القدم وهو به قوام الكلم، وهو القيوم على الكل - انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨٨


الصفحة التالية
Icon