ولما وحد لأجل ما تقدم من الإشارة إلى اتحاد الكلمة، بين أن المراد الجمع فقال :﴿أولياء﴾ ثم استأنف بيان هذا الاتحاد بقوله مشيراً إلى غاية الإسراع والمبادرة إلى ذلك بالتعبير بقوله :﴿تلقون﴾ أي جميع ما هو في حوزتكم مما لا تطمعون فيه إلقاء الشيء الثقيل من علو ﴿إليهم﴾ على بعدهم منكم حساً ومعنى ﴿بالمودة﴾ أي بسببها.
ولما توقع السامع التصريح بمضادتهم في الوصف الذي ناداهم به بعد التلويح إليه، ملهياً ومهيجاً إلى عداوتهم بالتذكير بمخالفهم إياه في الاعتقاد المستلزم لاستصغارهم لأنه أشد المخالفة ﴿وقد﴾ أي هو الحال أنهم قد ﴿كفروا﴾ أي غطوا جميع ما لكم من الأدلة ﴿بما﴾ أي بسبب ما ﴿جاءكم من الحق﴾ أي الأمر الثابت الكامل في الثبات الذي لا شيء أعظم ثباتاً منه، ثم استأنف بين كفرهم بما يبعد من مطلق موادتهم فضلاً عن السعي فيها بقوله مذكراً لهم بالحال الماضية زيادة في التنفير منهم ومصوراً لها بما يدل على الإصرار بأنهم ﴿يخرجون الرسول﴾ أي الكامل في الرسلية الذي يجب على كل
٥٤٨
أحد عداوة من عاداه أدنى عداوة ولو كان أقرب الناس فكيف إذا كان عدواً، وبين أن المخاطب من أول السورة من المهاجرين وأن إيراده على وجه الجمع للسير والتعميم في النهي بقوله :﴿وإياكم﴾ أي من دياركم من مكة المشرفة.
ولما بين كفرهم، معبراً بالمضارع إشارة إلى دوام أذاهم لمن آمن المقتضي لخروجه عن وطنه، علل الإخراج بما يحقق معنى الكفر والجداوة فقال :﴿أن﴾ أي أخرجوكم من أوطانكم لأجل أن ﴿تؤمنوا﴾ أي توقعوا حقيقة الإيمان مع التجديد والاستمرار.


الصفحة التالية
Icon