ولما كان أعدى الأعداء لك من تمنى أن يفوتك أعز الأشياء لديك، وكان أعز الأشياء عند كل أحد دينه، قال متمماً للبيان :﴿وودوا﴾ أي وقعت منهم هذه الودادة قبل هذا لأن مصيبة الدين أعظم فهم إليها أسرع لأن دأب العدو القصد إلى أعظم ضرر يراه لعدوه، وعبر بما يفهم التمني الذي يكون في المحالات ليكون المعتى أنهم أحبوا ذلك غاية الحب وتمنوه، وفيه بشرى بأنه من قبيل المحال ﴿لو تكفرون *﴾ أي يقع منكم الكفر الموجب للهلاك الدائم، وقدم الأول لأنه أبين في العداوة وإن كان الثاني أنكاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥١
ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث، فقال مستأنفاً إعلاماً بأنها خطأ على كل حال :﴿لن تنفعكم﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿أرحامكم﴾ أي قراباتكم الحاملة لكم على رحمتهم والعطف عليهم ﴿ولا أولادكم﴾ الذي هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلاً، ثم علل ذلك بينه بقوله :﴿يوم القيامة﴾ أي القيام الأعظم.
ولما كان النافي وقوع الفصل لا كونه من فصال معين قال بانياً للمفعول
٥٥٢
على قراءة أبي عمرو ونافع وابن كثير وأبي جعفر وابن عامر من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل :﴿يفصل﴾ أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب ﴿بينكم﴾ أي أيها الناس فيدخل من شاء من أهل طاعته الجنة، ومن شاء من أهل معصيته النار، فلا ينفع أحد أحداً منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان قد أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك.


الصفحة التالية
Icon