ولما تبرؤوا منهم أتبعوه ما هو أعظم عندهم منهم وهو سبب العداوة فقالوا :﴿ومما تعبدون﴾ أي توجدون عبادته في وقت من الأوقات الماضية المفيد التعبير عنها بالمضارع تصوير الحال أو الحاضرة أو الآتية كائناً من كان لا نخاف شيئاً نم ذلك لأن إلهنا الذي قاطعنا كل شيء في الانقطاع إليه لا يقاويه شيء، ولا تقدرون أنتم مع إشراككم به على البراءة منه.
ولما كانوا مشركين قالوا مستثنين ومبينين لسفول كل شيء عن متعالي مرتبة معبودهم :﴿من دون الله﴾ أي الملك الأعظم الذي هو كاف لكل مسلم.
ولما كانت البراءة على أنحاء كثيرة، بينوا أنها براءة ا لدين الجامعة لكل براءة فقالوا :﴿كفرنا بكم﴾ أي أوجدنا الستر لكل ما ينبغي ستره حال كوننا مكذبين بكل ما يكون من جهتكم من دين وغيره الذي يلزم منه الإيمان، وهو إيقاع الأمان من التكذيب لمن يخبرنا بسبب كل ما يضاده مصدقين بذلك.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥٣
ولما كان المؤمن على جبلة مضادة لجبلة الكافر، عبر بما يفهم أن العداوة كانت موجودة ولكنها كانت مستورة، فقال دالاً على قوتها بتذكير الفعل :﴿وبدا﴾ أي ظهر ظهوراً عظماً، وعلى عظمتها بالدلالة بنزع الخافض على أنها شاحنة لجميع البينين فقال :﴿بيننا وبينكم﴾ أي في جمع الحد الفاصل بين كل واحد منا وكل واحد منكم ﴿العداوة﴾ وهي المباينة في الأفعال بأن يعدو كل على الآخر ولا يكون ذلك إلا عندما يتسخف الغيظ الإنسان لإرادة أن يشفي صدره من شدة ما حصل له من حرارة الخنق.


الصفحة التالية
Icon