في الحكم على الأفراد ظنية - كما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه - في الدلالة على الجزئي من تلك الأفراد بخصوصه حيث لا قرينة لأن تلك الصيغ ترد تارة على عمومها وتارة يراد بها بعض الأفراد فتكون من العام الذي أريد به الخصوص، وتارة يقع فيها التخصيص، فتكون من العام الذي أريد به الخصوص فطرقها الاحتمال فاحتاج ما دلت عليه من الظاهر إلى قرينة، وكان دخول النساء تحت لفظ " من " في صلح الحديبية أما عرباً عن القرينة أو أن القرينة القتال الذي وقع الصلح عليه بسببه صارفة عنه، وكذا قرينة التعبير عنهن بـ " ما " دون " من " في كثير من الكتاب العزيز ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء﴾ [النساء : ٢٢] ﴿والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم﴾ [النساء : ٢٤] ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ [النساء : ٢٤] ﴿فما استمتعتم به منهن﴾ ٢٤] ﴿فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات﴾ [النساء : ٢٥] ﴿إلا على أزواجكم أو ما ملكت أيمانكم﴾ [المؤمنون : ٦]، وكان قد ختم سبحانه هذه الآيات التي أدب بها في غزوة الفتح بما أبان به ما لا يخرج عن الصلح في عمرة الحديبية مما هو قرب إلى الخير من البر والعدل، ونهى عن تولي الكفار، فكانت المصاهرة والمناكحة من أعظم التولي، وصل بذلك ما لا يخرج عنه ولا يحل بالعهد في أن من جاء من الكفار إلى النبي ﷺ رده إليهم وإن كان مسلماً، فقال مخاطباً لأدنى أسنان أهل الإيمان الذين الفهم وأنا به قلبه الشريف من فنون العلم ليكوفوا النبي ﷺ مقدمات البيعة منه لهن :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي أقروا بالإيمان - وهو إيقاع الأمان من التكذيب - لمن يخبرهم ما ينبغي التصديق به بسبب تصديقهم بالله سبحانه وتعالى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥٩


الصفحة التالية
Icon