ولما كان التجزي في مثل ذلك عسراً على النفس فإن المهور تتفاوت تارة وتتساوى تارة أخرى وتارة تكون نقوداً وتارة تكون عروضاً إلى غير ذلك من الأحوال مع أن المعامل عدو في الدين فلا يحمل على العدل فيه إلا خالص التقوى قال :﴿واتقوا﴾ أي في الإعطاء والمنع وغير ذلك ﴿الله﴾ الذي له صفات الكمال وقد أمركم بالتخلق بصفاته على قدر ما تطيقون، ثم وصفه بما يؤكد صعوبة الأمر ويحث على العدل فقال ملهباً لهم كل الإلهاب هازاً لهم بالوصف بالرسوخ في الإيمان :﴿الذي أنتم به﴾ أي خاصة ﴿مؤمنون *﴾ أي متمكنون في رتبة الإيمان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٦٥
ولما خاطب سبحانه المؤمنين الذي لهم موضع الذب والحماية والنصرة بما وطن به المؤمنات في دار الهجرة فوقع الامتحان وعرف الإيمان، أمر النبي صلى الله عليه وسلمت بعد الحكم بإيمانهن بمبايعتهن فقال ﴿يا أيها النبي﴾ مخاطباً له بالوصف المقتضي للعلم، ودل على تحقق كون ما يخبر به من مجيئهن بأداة التحقيق علماً من أعلام النبوة فقال :﴿إذا جاءك المؤمنات﴾ جعل إقبالهن عليه ﷺ لا سيما مع الهجرة مصححاً لإطلاق الوصف عليهن ﴿يبايعنك﴾ أي كل واحدة منهن تبايع ﴿على أن لا يشركن﴾ أي يوقعن الإشراك لأحد من الموجودات في وقت من الأوقات ﴿بالله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له ﴿شيئاً﴾ أي من إشراك على الإطلاق.
ولما كان الشرك بذل حق الملك لمن لا يستحقه، أتبعه أخذ مال المالك بغير حق لاقتضاء الحال لذلك بتمكن المرأة من اختلاص مال الزوج وعسر تحفظه منها فقال :﴿ولا يسرقن﴾ أي يأخذن مال الغير بغير استحقاق في خفية، وأتبع ذلك بذل حق الغير لغير أهله فقال :﴿ولا يزنين﴾ أي يمكن أحداً من وطئهن بغير عقد صحيح.
ولما كان الزنى قد يكون سبباً في إيجاد أو إعدام نسمة بغير حقها، اتبعه إعدام نسمة بغير حقه فقال :﴿ولا يقتلن أولادهن﴾ أي بالوأد كما تقدم في النحل وساء في ذلك كونه من زنى أو لا.