ولما ذكر إعدام نسمة بغير حق ولا وجه شرعي أتبعه ما يشمل إيجاد نسمة بغير حل، فقال مقبحاً له على سبيل الكناية عنه بالبهتان وما معه بالتصوير له بلوازمه وآثاره لأن استحضار القبيح وتصويير صورته أزجر عنه فقال :﴿ولا يأتين ببهتان﴾ أي ولد من غير الزوج يبهت من الحاقة به حيرة في نفيه عنه ﴿يفترينه﴾ أي يتعمدن كذبه، وحقق المراد به وصوره بقوله :﴿بين أيديهن﴾ أي بالحمل في البطون ﴿وأرجلهن﴾ أي
٥٦٦
بالوضع من الفروج ولأن عادة الولد مع أنه يسقط بين أيدي أنه ورجليها أنه يمشي أمامها، وهذا شامل لما كان من شبهة أو لقطة.
ولما حقق هذه الكبائر العظيمة تعظيماً لأمرها لعسر الاحتراز منها، وأكد النهي عن الزنى مطابقة وإلزاماً لما يجر إليه من الشرور القتل فما دونه، وغلظ أمر النسب لما يتفرع عليه من إيقاع الشبهات وانتهاك الحرمات، عم في النهي فقال :﴿ولا يعصينك﴾ أي على حال من الأحوال ﴿في معروف﴾ أي فرد كان منه صغيراً كان أو كبيراً، وفي ذكره مع العلم بأنه ﷺ لا يأمر إلا به إشعار بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقدم المنهيات على المأمورات المستفادة من المعروف لأن التخلي عن الرذائل مقدم على التخلي بالفضائل لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح :﴿فبايعهن﴾ أي التزم لهن بما وعدت على ذلك من إعطاء الثواب لمن وفت منهن في نظير ما ألزمن أنفسهن من الطاعة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٦٥
ولما كان الإنسان محل النقصان لا سيما النسوان رجاهن سبحانه بقوله :﴿واستغفر﴾ أي اسأل ﴿لهن الله﴾ أي الملك الأعظم ذا الجلال والإكرام في الغفران إن وقع منهن تقصير وهو واقع لأنه لا يقدر أحد ان يقدر الله حق قدره.