ولما كان التخلف عن أمر الله تعالى والغفلة عن شيء يؤدي تركه إلى التهاون به والإخلال بأدب من آدابه موجباً للكون في صف الشيطان ومفارقة حزب الرحمن، فيكون أذى الرسول ﷺ، فيوجب ذلك الشقاء كله لأنه جدير بأن يجر إلى أكبر منه إلى أن تحيط الخطايا فتبيح الرزايا، وكان للتذكير بالمشاهدات والأمور الواقعات ما ليس لغيره في التأجيب ومرجع الترهيب، ذكر بما كان لبني إسرائيل ترهيباً من مثل حالهم، لئلا يوقع في نكالهم، حين تقاعسوا عما أمروا به من فتح بيت المقدس من الله تعالى غضب من فعلهم ذلك فسماهم فاسقين وضربهم بالتيه أربعين سنة، وأمات في تلك الأربعين كل من توانى منهم في ذلك، فلم يدخل إلى بيت المقدس منهم أحد، فحرموا البلاد التي تقاعدوا عن فتحها، وهي بعد مكة والمدينة خير بلاد الله تعالى ومهاجر أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومواطن أبويهما إسحاق ويعقوب عليهما الصلاة والسلام وأنزه الأرض، وأكثرها خيراً وأبركها، مع ما كانوا فيه من لاضيق والنكد من التيه الذي هو طرد عن جناب الله بما اراد - بما أشار إليه التعبير عن زمنه بالسنين - إلى ما أبقوا بعدهم نم سوء الذكر وشناعة القالة إلى آخر الدهر فقال تعالى :﴿وإذ﴾ عطفاً على ما تقديره : اذكروا ما فعل بعضكم - بما أشرت إليه أول هذه الآيات من الآداب من تنبيه الكفار بما قد يمنع من الفتح أو يكون سبباً في عسره أو في إهلاك خلق كثير من عباي الذي خلقتهم في أحسن تقويم من المؤمنين وغيرهم، أو من الفرار من الكفار عند المقارعة، أو التقاعس عن اللقاء عند البعث عليه، فآذى ذلك رسول الله ﷺ الذي أذاه من أذى الله فحلم عنكم، وقبل بما له من بليغ الرحمة بكم والشفقة عليكم منكم، وكان أنهى ما عاتبكم به مرسوله سبحانه النداء بما هو أدنى الأسنان في الإيمان في نظير إطلاقه على بني إسرائل الفسق بالوصف المؤذن بالرسوخ : واذكروا حين ﴿قال موسى لقومه﴾ وهم - مع كونه