ولما كانت لا يرغب فيها إلا بدوام الإقامة، بين صلاحتيها لذلك بقوله :﴿في جنات عدن﴾ أي بساتين هي أهل للإقامة بها لا يحتاج في إصلاحها إلى شيء خارج يحتاج في تحصيله إلى الخروج عنها له، ولا آخر لتلك الإقامة، قال حمزة والكرماني في كتابه جوامع التفسير : هي قصبة الجنان ومدينة الجنة أقربها إلى العرش.
ولما كان هذا أمراً شريفاً لا يوجد في غيرها قال :﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم جداً وحده ﴿الفوز العظيم *﴾.
ولما ذكر ما أنعم عليه به في الأخرى لأنه أهم لوامها، كان التقدير بما دل عليه العطف.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٨٦
هذا لكم، عطف عليه ما جعل لهم في الدنيا فقال :﴿وأخرى﴾ أي ولكم نعمة، أو يعطيكم، أو يزيدكم نعمة أخرى.
ولما كان الإنسان أحب في العاجل وأفرح بالناجز قال :﴿تحبونها﴾ أي محبة كثيرة متجددة متزايدة، ففي ظاهر هذه البشرى تشويق إلى الجهاد وتحبيب، وفي باطنها حث على حب الشهادة بما يشير إليه من التوبيخ أيضاً على حل العاجل والتقريع :﴿نصر من الله﴾ أي الذي أحاطت عظمته بكل شيء لكم وعلى قدر إحاطته تكون نصرته ﴿وفتح قريب﴾ أي تدخلون منه إلى كل ما كان متعسراً عليكم من حصون أعدائكم وغيرها من أمورهم في حياة نبيكم ﷺ أعظمه فتح مكة الذي كتب حاطب رضي الله عنه بسببه، وبعد مماته، وفيه شهادة لحاطب رضي الله عنه بأنه يحب نصرة النبي ﷺ والفتح عليه مكة وغيرها لصحة إيمانه كما أخبر به النبي ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى.


الصفحة التالية
Icon