ولما كان هذا أمراً باهراً، عظمه بقوله على وجه الاستثمار من قدرته :﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الرتبة من تفضيل الرسول وقومه وجعلهم متبوعين بعد أن كان العرب أتباعاً لا وزن لهم عند غيرهم من الطوائف ﴿فضل الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال، والفضل ما لم يكن مستحقاً بخلاف الفرض ﴿يؤتيه من يشاء﴾ بحوله وقوته بأن يهيئه له ولو كان أبعد الناس منه ﴿والله﴾ أي الملك الأعظم ﴿ذو الفضل﴾ ولما كانت " آل " دالة على الكمال دل على ذلك بقوله :﴿العظيم *﴾ أي الذي يحقر دونه كل عطاء من غيره.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٩٠
ولما أدب عباده المؤمنين في الممتحنة عما يؤذي رسول الله ﷺ واتممه في الصف بما ذر منغزاغة القلوب لمن آذى نبيه موسى عليه الصلاة والسلام، وأعلم أنه سبحانه جمع الآداب كلها في هذا الكتاب الذي أنزله على نبيهم الذي جعله خاتم الأنبياء وأشرف الأصفياء، ودل على فضله العظيم بتعليم الجاهل، دل على عقابه الأليم تتيميماً للدلالة على باهر قدرته بتجهيل العالم بإزاغة قلبه وإذهاب لبه بيأسه من الآخرة لغضبه عليه تحذيراً من الوقوع بما يوجب الإضلال بعد العلم، فقال جواباً لمن كأنه قال : هذا فضله علىالجاهل فكيف فعله بالعالم ؟ فقال تحذيراً من يزكي فلا يتزكى بأن يقول ما لا يعمل، ويحمل الكتاب فيحمله غير عالم به من أن يفعل به ما فعل باليهود من الذل في الدنيا والخزي والعذاب في الآخرة بإزاغة القلوب وإحاطة الذنوب فيكون أقبح مما قيل فيه.
من فاته العلم وأخطا الغنى فذاك والكلب على حد سوا


الصفحة التالية
Icon