ولما كان التقدير : فقال لهم رسول ﷺ امتثالاً لأمرنا ذلك، فلم يتمنوه في الوقت الحاضر، تصديقاً منا لنبوته وتعجيزاً وتحقيقاً لمعجزات رسالته، دل على هذا المقدر بما عطف عليه من قوله الدال قطعاً على صدقه بتصديقهم له بالكف عما أخبر أنهم لا يفعلونه :﴿ولا يتمنونه﴾ أي في المستقبل، واكتفى بهذا في التعبير بلا لأن المذكور من دعواهم هنا أنهم أولياء لا كل الأولياء فهي دون دعوى الاختصاص بالآخرة، وأيضاً الولاية للتوسل إلى الجنة، ولا يلزم منها الاختصاص بالنعمة بدليل أن الدنيا ليست خالصة للأولياء المحقق لهم الولاية، بل البر والفاجر مشتركون فيها.
ولما أخبر بعدم تمنيهم، وسع لهم المجال تحقيقاً للمراد فقال :﴿أبداً﴾ وعرف أن سببه معرفتهم بأنهم أعداء الله فقال :﴿بما قدمت﴾ ولما كان أكثر الأفعال باليد، نسب الكل إليها لأنها صارت عبارة عن القدرة فقال :﴿أيديهم﴾ أي من المعاصي التي أحاطت بهم فلم تدع لهم حظاً في الآخرة بعلمهم.
ولما كان التقدير تسبباً عن هذا : لئلا يقولوا : سلمنا جميع ما قيل في الظالمين لكنا لسنا منهم فاللّه عليم بهم في أفعالهم ونياتهم، عطف عليه قوله معلقاً بالوصف
٥٩٧


الصفحة التالية
Icon