ولما كان قد سلخ في هذا السياق عن الهمزة معنى الاستفهام كان معنى ﴿استغفرت لهم﴾ أي في هذا الوقت ﴿أم لم تستغفر لهم﴾ أي فيه أو فيما بعده - مستو عندهم استغفارك لهم وتركه، لأنه لا أثر له عندهم، ولهذا كانت نتيجته - عقوبة لهم - النفي المبالغ فيه بقوله :﴿لن يغفر الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿لهم﴾ ولعل التعبير بالاستفهام بعد سلخ معناه للاشارة إلى أنهم لو شاهدوا الملك يستفهمك عن ذلك ما ردهم عن نفاقهم وما زادهم ذلك على ما عندهم شيئاً، وكان النبي ﷺ قيد هذه الآية بآية براءة المحتملة للتخيير وأنه إن زاد على السبعين كان الغفران مرجواً، فاستجاز بذلك الصلاة على ابن أبي رأس المنافقين والاستغفار له لما عنده ﷺ من عظيم الشفقة على عباد الله ومزيد الرحمة لهم ولا سيما من كان في عداد أصحابه والأنصار رضي الله عنهم به عناية.
ولما كان التقدير لتعليل المبالغة في الإخبار بعد الغفران لهم : لأن فسقهم قد استحكم فصار وصفاً لهم ثابتاً، عبر عن ذلك بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿لا يهدي القوم﴾ أي الناس الذي لهم قوة في أنفسهم على ما يريدونه ﴿الفاسقين *﴾ لأنهم لا عذر لهم في الإصرار على الفسق وهو المروق من حصن الإسلام بخرقه وهتكه مرة بعد مرة والتمرن عليه حتى استحكم فهم راسخون في النفاق والخروج عن مظنة الإصلاح.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٠٨


الصفحة التالية
Icon