ولا مما في يد غيره، ونبه على سوء غباوتهم وأنهم تقيدوا بالوهم حتى سفلوا عن رتبة البهائم كما قال بعضهم : إن كان محمد صادقاً فنحن شر من البهائم، أشار إلى ذلك بقوله :﴿ولكن المنافقين﴾ أي العريقين في وصف النفاق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦١١
ولما كان ما يساق إلى الخلق من الأرزاق فيظن كثير منهم أنهم حصلوه بقوتهم، عبر بالفقه الأخص من العلم فقال :﴿لا يفقهون *﴾ أي لا يتجدد لهم فهم أصلاً لأن البهائم إذا رأت شيئاً ينفعها يوماً ما في مكان طلبته مرة أخرى، وهؤلاء رأوا غير مرة ما أخرج الله من خوارق البركات على يد رسول الله ﷺ فلم ينفعهم ذلك، فمن رأى أن
٦١٢
رزقه بيد الخلق فألهاه ذلك عن الله حتى ضيع حقوقه وداهن في دينه فقد برئ من القرآن، ودل على عدم فقههم بقوله تعالى :﴿يقولون﴾ أي يوجدون هذا القول ويجددونه مؤكدين له لاستشعارهم بأن أكثر قومه ينكره :﴿لئن رجعنا﴾ أي نحن أيتها العصابة المنافقة من غزاتنا هذه - التي قد رأوا فيها من نصرة النبي ﷺ ما يعجز الوصف وهي غزوة بني المصطلق حي من هذيل بالمريسيع وهو اء من مياههم من ناحية قديد إلى الساحل وفيها تكلم ابن أبي بالإفك وأشاعه - ﴿إلى المدينة﴾ ودلوا على تصميمهم على عدم المساكنة بقولهم :﴿ليخرجن الأعز﴾ يعنون أنفسهم ﴿منها الأذل﴾ وهم كاذبون في هذا، لكنهم تصوروا لشدة غباوتهم أن العزة لهم وأنهم يقدرون على إخراج المؤمنين ﴿ولله﴾ أي والحال أن كل من له نوع بصيرة يعلم أن للملك الأعلى الذي له وحده عز الإلهية ﴿العزة﴾ كلها، فهو قهار لمن دونه وكل ما عداه دونه.