ولما حصر العزة بما دل على ذلك من تقديم المعمول، أخبر أنه يعطي منها من أراد وأحقهم بذلك من أطاعه فترجم ذلك بقوله :﴿ولرسوله﴾ لأن عزته من عزته بعز النبوة والرسالة وإظهار الله دينه على الدين كله، وكذلك أيضاً أن العزة لمن أطاع الرسول بقوله :﴿وللمؤمنين﴾ أي الذين صار الإيمان لهم وصفاً راسخاً لأن عزتهم بعزة الولاية، ونصر الله إياهم عزة لرسولهم ﷺ، ومن تعزز بالله لم يلحقه ذل.
ولما كان جهلهم في هذا أشد لكثرة ما رأوا من نصرة الله لرسوله ﷺ ومن تابعه رضي الله عنهم وإعلائهم على كل من ناواهم، قال منبهاً على ذلك :﴿ولكن المنافقين﴾ أي الذي ساتحكم فيهم مرض القلوب.
ولما كانت الدلائل على عزة الله لا تخفى على ولا المنازعة فيه، ومن المنع نم أكثر المرادات، ومن نصر الرسول وأتباعهم بإهلاك أعدائهم بأنواع الهلاك، وبأنه سبحانه ما قال شيئاً إلا تم ولا قالت الرسل شيئاً إلا صدقهم فيه، ختم الآية بالعلم الأعم من الفقه فقال :﴿لا يعلمون *﴾ أي لا لأحد لهم علم الآن، ولا يتجدد في حين من الأحيان، فلذلك هم يقولون مثل هذا الخراف، وروي أنه لما نزلت هذه الآية جاء عبد الله ولد عبد الله بن أبي ابن سلول الذي نزلت بسبببه إلى أبيه، وذلك في غزوة المريسيع لبني المصطلق فأخذ بزمام ناقة أبيه وقال : أنت والله الذليل، ورسول الله ﷺ العزيز، ولما دنوا من المدينة الشريف جر سيفه وأتى أباه فأخذ بزمام ناقته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦١١
وزجرها إلى ورائها وقال : إياك وراءك والله لا تدخلها حتى يأن رسول الله ﷺ ولئن لم تقر بأن رسول الله ﷺ الأعز وأنت الأذل لأضربن عنقك، قال : أفاعل أنت ؟ قال : نعم، قال : أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وشكا ولده إلى رسول الله ﷺ فأمره أن يدعه يدخل المدينة، فأطلق فدخل.
٦١٣


الصفحة التالية
Icon