ولعله أدغم تاء التفعل إشارة إلى أنه إذا أخر فعل ذلك على وجه الإخفاء ليكون أفضل، أو يكون إدعامها اختصاراً لبلوغ الأمر إلى حد محوج إلى الإيجاز في القول كما طلب في الزمن، ويؤيده قراءة الجماعة غير أبي عمرو ﴿وأكن﴾ بالجزم عطفاً على الجواب الذي هدى السياق إلى تقديره، فإن حال هذا الذي أشرف هذا الإشراف يقتضي أن يكون أراد إن " أخرتني أتصدق " ولكنه حذفه لضيق المقام عنه واقتضاء الحال لحذفه، وهو معنى ما حكاه سيبويه عن الخليل أن الجزم على توهم الشرط الذي دل عليه التمني على الموضع، فإن الجازم غير موجود، ومعنى ما قال غيره أن " لولا " لكونها تحضيضية متضمنة معنى الأمر ومعنى الشرط، فكأنه قيل : أخرني، فيكون جوابه العاري عن الفاء مجزوماً لفظاً والمقرون بها مجزوماً محلاً فـ " اكن " عطف على المحل، ونصب أبو عمرو عطفاً على اللفظ لأنه جواب التمني الذي دلت عليه " لولا " وإجماع المصاحف على الحذف الواو لا يضره لأنه قال : إنها للاختصار، وهو ظاهر، وذلك للمناسبة بين اللفظ والخط والزمان والمراد، ومن هنا تعرف جلالة القراء ومرادهم إن شاء الله تعالى بقولهم في الضابط المشهور وإن توافق رسم المصحف ولو احتمالاً ﴿من الصالحين *﴾ أي العريقين في هذا الوصف العظيم، وزاد في الحث على المبادرة بالطاعات قبل الفوات بقوله مؤكداً لأجل عظيم الرجاء من هذا المحتضر للتأخير عطفاً على ما تقديره : فلا يؤخره الله فيفوته ما أراد :﴿ولن﴾ ويجوز أن تكون الجملة حالاً أي قال ذلك والحال أنه لن ﴿يؤخر الله﴾ أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له فلا اعتراض عليه ﴿نفساً﴾ أي أيّ نفس كانت، وحقق الأجل بقوله :﴿إذا جاء أجلها﴾ أي وقت مكوتها الذي حده الله لها فلا يؤخر الله نفس هذا القائل لأنها من جملة النفوس التي شملها النفي.


الصفحة التالية
Icon