ولما كان السمع أعظم مدارك العقل الذي هو مدار التكليف قالوا :﴿نسمع﴾ أي سماعاً ينفع بالقبول للحق والرد للباطل ﴿أو نعقل﴾ أي بما أدته إلينا حاسة السمع وغيرها عقلاً ينجي وإن لم يكن سمع، وإنما قصروا الفعلين إشارة إلى أن ما كان لهم
٧٢
من السمع والعقل عدم لكونه لميدفع عنهم هذا البلاء بالقبول من الرسل لما ذكروهم به من نصائح ربهم وشهادة الشواهد من الآيات البينات ﴿ما كنا﴾ أي كونا دائماً ﴿في أصحاب السعير *﴾ أي في عداد من أعدت له النار التي هي في غاية الاتقاد والحر والتلهب والتوقد حتى كأن بها جنوناً، وحكم بخلودهم في صحبتها، وأعظم ما في هذا من العذاب بكونهم ألجئوا إلى أن يباشروا توبيخ أنفسهم ومقتها بأنفسهم أنه لا يقبل منها خروجاً عن العادة في الدنيا من أن الإنسان إذا أظهر الخضوع باعترافه ولومه نفسه وإنصافهرحم وقبل، وفي الآية أعظم فضيلة للعقل، روى ابن المحبر في كتاب العقل والحارث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :"لكل شيء دعامة ودعامه المؤمن عقله فبقدر عقله تكون عبادته، أما مسعتم قول الفجار لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير" ولما كان هذا الإقرار زائداً في ضررهم، وإنما كان يكون نافعاً لهم لو قالوه في دار العمل وندموا عليه وأقلعوا عنه، سبب عنه قوله ضاماً - إلى ما تقدم من تعذيب أرواحهم بمقت الملائكة عليه وأقلعوا عنه، سبب عنه قوله ضاماً - إلى ما تقدم من تعذيب أرواحهم بمقت الملائكة لهم ثم مقتهم لأنفسهم - مقت الله لهم :﴿فاعترفوا﴾ أي بالغوا جامعين إلى مقت الله وملائكته لهم مقتهم لأنفسهم في الاعتراف وهو الإقرار عن معرفة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٧١


الصفحة التالية
Icon