ولما كان العرب الموعوظون بهذا الذكر يتغالون في التفاخر بالهداية في الطرق المحسوسة وعدم الإخلال بشكر المعروف لمسديه ولو قل، فنفى عنهم الأول بقيام الأدلة على خطئهم الفاحش في كل ما خالفوا فيه الرسول ﷺ من طريقهم المعنوي الذي اتخذوه جيناً، فهو أشرف من الطريق المحسوس، أتبعه بيان انسلاخهم من الثاني مع التأكيد لانسلاخهم من الأول، قال آمراً للرسول ﷺ بتنبيههم لأن الإنسان على نوعه أقبل لأنه إليه أميل، إسقاطاً لهم من رتبة الفهم عن الله سبحانه وتعالى لسفول هممهم ولقصور نظرهم مع أنه جعل لهم حظاً ما من الحضور بتأهيلهم لخطاب الرسول ﷺ لأقامتهم بالمذكور في الآية فيما يرجى معه العلم ويورث الفطنة والفهم :﴿قل﴾ أي يا أشرف الخلق وأشفقهم عليهم مذكراً لهم بما دفع عنهم الملك من المفاسدات وجمع لهم من المصلحات والقوى والعقل ليرجعوا إليه، ولا يعولوا في حال من أحوالهم إلا عليه، وينظروا في لطيف صنعه وحسن تربيته فيمشي كل منهم سوياً :﴿هو﴾ أي الله سبحانه وتعالى ﴿الذي﴾ شرفكم بهذا الذكر وبين لكم هذا البيان وحده الذي ﴿أنشأكم﴾ أي
٨٢
أوجدكم في مدارج التربية حيث طوركم في أطوار الخلقة في الرحم ويسر لكم بعد خروجكم الخروج اللين حيث كانت المعدة ضعيفة عن اكثف منه.


الصفحة التالية
Icon