الأمر، ولذلك أقيم المفصل من القرىن بحرفي قاف ونون، واقترن أيضاً هذان الحرفان في كلمة القرآن ولفظ الفرقان اللذين هما في ظواهر أسمائه، وإنما كان أول ما يطعمه أهل الجنة من الثور الذي عليه الدنيا الذي كان يرعى في أطراف الجنة - على ما ورد عنه عليه أفضل الصلاة والسلام، لأن صورة الثور هي معنى ما هو الكد والكدح وجهد العمل في الأرض الذي قام عليه أمر الدنيا، ولما كان أهل الدنيا أول ما يراحون منه من أمر الدنيا تقديم أمر الكد بين يدي معاشهم في الجنة، كان الذي يذبح لهم الثور الذي هو صور كدهم فيأكلونه فهو جزاء ما عملو به في دنياهم من حيث كانوا يذوي دين، فاستحقوا بذلك جزاء كدهم بما هو صورته، وأضيف لذلك زيادة كبد النون التي هي صورة حظهم نم أصل العلم فأطعموها وجوزوا بها، وروعي في أعمالهم حسن نيتهم في أصل دينهم، فلما أتوا عليهما استقبلوا الراحة والخروج عن الكلفة في معاشهم في الجنة، والذي جرهم به سبحانه إلى سني هذه الرتبة ما أتقنه بحكمته من ثناء المفصل القرآني على حرفي القاف الذي به القوة والقهر والقدرة، والنون الذي به إظهار ذلك للعقل بنور العلم، وذلك أن القرآن نزله سبحانه مثاني، ضمّن ما عدا المفصل منه الذي هو من قاف إلى خاتمة الكتاب العزيز، وفاتحته ما يختص بأولي العلم والفقه من مبسوطات الحكم ومحكمات الأحكام ومطولات الأقاصيص ومتشابه الآيات، والسور المفتتحة بالحروف العلية الإحاطة الغيبية المنحى المستندة إلى آحاد الأعداد مما يختص بعلم ظاهرها خاصة الأمة، ويختص بأمر باطنها آل محمد ﷺ، فلعلو رتبة إيراد ما عدا المفصل ثنى الحق تعالى الخطاب وانتظمه في سورة كثيرة العدد يسيرة عد الآي هي المفصل، ذكر فيها من أطراف القصص والمواعظ والأحكام والأنباء وأمر الجزاء ما يليق بسماع العامة ليسهل عليهم سماعه وليأخذوا بحظ مما أخذ الخاصة، ويتكرر على أسماعهم في قراءة الأئمة له في الصلوات المفروضة التي


الصفحة التالية
Icon