ولما كانوا لقوة عزمهم على ما أقسموا عليه كأنهم كانوا على ميعاد، سبب عنه قوله :﴿فتنادوا﴾ أي كانوا كأنهم نادى كل منهم الآخر ﴿مصبحين *﴾ أي في حال أول دخولهم في الإصباح، وفسر التنادي بقوله :﴿أن اغدوا﴾ أي بكروا جداً مقبلين ومستولين وقادرين ﴿على حرثكم﴾ أي محل فائدتكم الذي أصلحتموه وتعبتم فيه فلا يستحقه غيركم، فكأنهم استبطؤوا قيامهم وغدوهم فكفوا عنه بقوله :﴿إن كنتم﴾ أي اليوم كوناً هو لكم بغاية الرغبة ﴿صارمين *﴾ أي جاذين جذاذاً ليسلم لكم من غير مشاركة أحد لكم كما تواثقتم عليه، أو جازمين بما عزمتم عليه، وعبر عن إسراعهم إلى الذهاب بقوله :﴿فانطلقوا﴾ أي بسبب هذا الحث وعقبه كأنهم كانوا متهيئين ﴿وهم﴾ أي والحال أنهم ﴿يتخافتون *﴾ أي يقولون في حال انطلاقهم قولاً هو في غاية السر كأنهم ذاهبون إلى سرقة من دار هي في غاية الحراسة، من الخفوت وهو الخمود، ثم فسر ما
١٠٥
يتخافتون به بقوله :﴿أن لا يدخلنها﴾ وأكدوه لأنه لا يصدق أن أحداً يصل إلى هذه الوقاحة وصلابة الوجه وأن جذاباً يخلو من سائل.


الصفحة التالية
Icon