ولما كان أهل الرذالة ينكرون أن يكون من يمنع الفقراء طاغياً، أكدوا قولهم :﴿إنا كنا﴾ أي جبلة وطبعاً ﴿طاغين *﴾ أي مجاوزين الحدود فيما فعلنا من التقاسم على منع الفقراء وعلى جذها في الصباح من غير استثناء فعل القادر، وكان ذلك إن كان لا بد لنا منه ممكناً بغير قسم ولا غخفاء من الغير ولا مخافته حال السير بأن يقال للفقراء : يفتح الله، ونحو ذلك من الكلام.
ولما قدموا ما هو أنفع لهم من اللوم المتقضي لإجماعهم على التوبة فعلم بذلك الندم الذي هو أمارة التوبة، استأنفوا جواباً لمن سأل : هل اقتصروا على التلاوم ؟
١٠٧
قولهم :﴿عسى﴾ أي يمكن أن يكون وهو جدير وخليق بأن يكون ﴿ربنا﴾ أي الذي أحسن إلينا بتربية هذه الجنة وبإهلاك ثمرها الآن تأديباً لنا ﴿أن يبدلنا﴾ أي من جنتنا شيئاً ﴿خيراً منها﴾ يقيم لنا أمر معاشنا فتنقلب أحوالنا هذه التي نحن فيها من الهموم والبذاذة بسرور ولذاذة بما أفاده إيقاع الفعل على ضميرهم، وقراءة أبي عمرو ونافع بالتشديد وقراءة الباقين بالتخفيف وهما متقاربان غير أن التشديد يدل على التدريج، فالتخفيف أبلغ معنى : وإنما تعلق رجاؤنا بسبب توبتنا وعلمنا بأن ربنا قادر على ما يريد، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.


الصفحة التالية
Icon