ولما كان ذلك كله أمراً رائعاً للعقول، هازاً للقلوب، مزعجاً للنفوس، وكان ربما توقف فيه الجلف الجافي، أكد أمره وزاد في تهويله، وأطنب في تفخيمه وتبجيله، إشارة إلى أن هوله يفوت الوصف بقوله، معلماً أنه مما يحق له أن يستفهم عنه سائقاً له بأداة الاستفهام مراداً بها التعظيم للشأن، وأن الخبر ليس كالعيان :﴿ما الحاقة *﴾ فأداة الاستفهام مبتدأ أخبر عنه بالحاقة وهما خبر عن الأولى، والرابط تكرير المبتدأ بلفظه نحو زيد أي هو، وأكثر ما يكون ذلك إذا أريد معنى التعظيم والتهويل.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٩
ولما كان السياق لترجمة المراد بكشف الساق، عظم التهويل بقوله :﴿وما أدراك﴾ أي في الزمن الماضي، وقصره لتذهب النفس فيه كل مذهب، أي وأي شيء أعلمك بشيء من الأشياء مع تعاطيك للبحث والمداورة، ثم زاد التحذير منها بقوله على النهج الأول مستفهماً والمراد به التفخيم ومزيد التعظيم :﴿ما الحاقة *﴾ أي إنها بحيث لا يعلم كنهها أحد ولا يدركها ولا يبلغها درايته وكيف ما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك، فلا تعلم حق العلم إلا بالعيان.


الصفحة التالية
Icon