فلما بلغ التهويل حده، وكان سبب الإنكار للساعة ظن عدم القدرة عليها مطلقاً أو لعدم العلم بالجزيئات، قال دالاً على تمام القدرة والعلم بالكليات والجزيئات، قال دالاً على تمام القدرة والعلم بالكليات والجزئيات محذراً من أنكرها بانه قادر على تعجيل الانتقام ولكنه لإكرامه لهذه الأمة أخر عذابها إلى الآخرة إلى لمن كان منهم من الخواص فإنه يظهرهم في الدنيا ليتم نعيمهم بعد الموت بادئاً بأشد القبائل تكذيباً بالبعث لكون ناقتهم أول دليل على القدرة عليه، وقالوا مع ذلك ﴿أبشر منا واحداً نتبعه﴾ [القمر : ٢٤] إلى أن قالوا :﴿بل هو كذاب أشر﴾ [القمر : ٢٥] وقالوا في التكذيب بها ﴿أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت﴾ [المؤمنون : ٣٥، ٣٦، ٣٧] - الآية، فإن الامر فيهم دائر بين عاد وثمود :﴿كذبت ثمود﴾ وتقديمهم أيضاً من حيث أن بلادهم أقرب إلى قريش، وواعظ القرب أكبر وإهلاكهم بالصحية وهي أشبه بصيحة النفخ في الصور المبعثر لما في القبور ﴿وعاد﴾ وكان الأصل أن يقال : بها، ولكنه أظهرها بوصف زادها عظماً وهولاً فقال :﴿بالقارعة *﴾ أي التي تقرع، أي تضرب ضرباً قوياً وتدق دقاً عنيفاً شديداً للأسماع وجميع العالم بانفطار السماوات وتناثر النيرات ونسف الجبال الراسيات، فلا يثبت لذلك الهول شيء.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٩
ولما جمعهم في التكذيب، فصلهم في التعذيب لأجل ذلك التكذيب فقال :﴿فأما ثمود﴾ وهم قوم صالح عليه السلام.
ولنما كان الهائل لهم لتقيدهم بالمحسوسات إنما هو العذاب، لا كونه من معين، بنى للمجهول قوله :﴿فأهلكوا﴾ أي بأيسر أمر من أوامرنا ﴿بالطاغية *﴾ أي الصيحة التي جاوزت الحد في الشدة فرجفت منها الأرض والقلوب.


الصفحة التالية
Icon