ولما كان هذا كله تسلية للنبي ﷺ عن استعجالهم إياه بالعذاب استهزاء وتكذيباً سواء أريد تصوير العظمة أو العذاب، سبب عنه قوله :﴿فاصبر﴾ أي على أذاهم ولا ينفك ذلك عن تبليغهم فإنك شارفت وقت ا لانتقام منهم أيها الفاتح الخاتم الذي لم أبين لأحد ما بينت على لسانه، والصبر : حبس النفس على المكروه من الإقدام أو الإحجام، وجماله بسكون الظاهر بالتثبت والباطن بالعرفان ﴿صبراً جميلاً *﴾ أي لا يشوبه شيء من اضطراب ولا استثقال، ولا شكوى ولا استعجال، فإن عذابهم ونصرك عليهم لعظمة من أرسلك، فلا بد من وقوعه لأن القدح فيه والتكذيب به قدح فيها، وهذا قبل الأمر بالقتال.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٤
وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما انطوت سورة الحاقة على أشد وعيد وأعظمه أتبعت بجواب من استبطأ ذلك واستبعده إذ هو مما يلجأ إليه المعاند الممتحن، فقال تعالى :﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾ [المعارج : ١] إلى قوله ﴿إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً﴾ [المعارج : ٦ و٧] ثم ذكر حالهم إذ ذاك ﴿يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه﴾ [المعارج : ١١] الآية، ثم أتبع بأن ذلك لا يغني عنه ولا يفيده ﴿إنها لظى﴾ [المعارج : ١٥] ثم ختمت السورة بتأكيد الوعيد وأشد التهديد ﴿فذرهم يخوضوا ويلعبوا﴾
١٤٦
[المعارج : ٤٢] إلى قوله ﴿ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون﴾ [المعارج : ٤٤] ذلك يوم الحاقة ويوم القارعة - انتهى.


الصفحة التالية
Icon