ولما كانوا جادلوه عليه الصلاة والسلام بعد هذا البيان الذي لا يشك في دلالته على المراد من تحقق لصفاء الإيقان، فأكثروا الجدال ونسبوه إلى الضلال وعصوه أقبح العصيان وقابلوه بأشنع الأقوال والأفعال، طوى ذلك مشيراً إليه بقوله مستأنفاً :﴿قال نوح﴾ أي بعد رفقه بهم ولينه لهم شاكياً منهم :﴿رب﴾ أي أيها المحسن إليّ المدبر لي المتولي لجميع أموري.
ولما كان الضعفاء أكثر الناس بحيث إذا اجتمعوا دل الرؤوس الأقوياء بالأموال والأولاد وكانوا كأنهم الكل، فقال مؤكداً لأن عصيانهم له بعد ذلك مما يبعد وقوعه :﴿إنهم﴾ أي قومي الذين دعوتهم إليك مع صبري عليهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ﴿عصوني﴾ أي فيما أمرتهم به ودعوتهم إليه فأبوا أن يجيبوا دعوتي وشردوا عني أشد شراد وخالفوني أقبح مخالفة ﴿واتبعوا﴾ أي بغاية جهدهم نظراً إلى المظنون العاجل بعد ترك المحقق عاجلاً وآجلاً ﴿من﴾ أي من رؤسائهم البطرين بأموالهم المغترين بولدانهم، وفسرهم بقوله :﴿لم يزده﴾ أي شيئاً من الأشياء.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٧٠


الصفحة التالية
Icon