ولما كان التقدير : فلا تزد الظالمين إلا خساراً، عطف عليه قوله مظهراً في موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف :﴿ولا تزد الظالمين﴾ أي الراسخين في الوصف الموجب لأن تكون آثار المتصف به كآثار الماشي في في الظلام في وقوعها مختلة، شيئاً من الأشياء التي هي فيهم ﴿إلا ضلالاً *﴾ أي طبعاً على عقولهم وقلوبهم حتى يعموا عن الحق وعن جميع مقاصدهم الفاسدة الضالة الراسخة في الضلال فلا يكون منها شيء على وجه يكون فيه شيء من سداد، وكان هذا بعد أن أعلمه الله سبحانه وتعالى أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن، والكلام عليه على كل حال كالكلام على دعاء موسى هارون عليهما وعلى محمد أفضل الصلاة والسلام في الشد على قلوب فرعون وملئة لئلا يؤمنوا في حال ينفعهم فيه كما مضى في سورة يونس عليه السلام، وقد بالغ ابن عربي في المروق من الدين فقال في فصوصة : إن هذا الدعاء حسن في حقهم، وقال : إن الضلال أهدى من الهدى، وإن الضال أحسن حالاً من المهتدي، لأن الضال لا يزال قريباً من القطب المقصود دائراً حوله، والمهتدي صاحب طريقة مستطيلة، فهو
١٧٥
يبعد عن المقصود، فأبان أن الله تعالى لم يخلق خلقاً أسفه منه غلا من اتبعه عليه وعلى من ينحو نحوه من الضلال الذي لا يرضاه عاقل من عباد الأصنام الذين لا أسفه منهم ولا غيره، فعليهم أشد الخزي واللعنة.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٧٤
ولما فرغ من أمرهم في ضلالهم، ودعا رسولهم ﷺ، فلم يبق إلا إهلاكهم.
وكان من مفهومات الضلال المحق وإذهاب العين كما يضل الماء في اللبن، قال مبيناً، مضمون الكلام لاعتقاد الكفار أن الإنجاء والإهلاك عادة الدهر :﴿مما﴾.