ولما كان التقدير : فنستمع منها فنسمع ما يقدر لنا من غير مانع، عطف عليه قوله :﴿فمن يستمع﴾ أي يجتهد في الوصول إلى السمع ﴿الآن﴾ أي في هذا الوقت فيما يستقبل أنهم قسموا الزمان إلى ما كان من إطلاق الاستماع لهم وإلى ما صار إليه
١٨٨
الحال من الحراسة، وأطلقوا " الآن " على الثاني كله، لأنهم أرادوا وقت قولهم فقط أو أراوه لأنهم يعلمون ما بعده فيجوزون أن يكون الحال فيه على غير ذلك ﴿يجد له﴾ أي لأجله ﴿شهباً﴾ أي شعلة من نار ساطعة محرقة.
ولما كان الشهاب في معنى الجمع لأن المراد أن كل موضع منها كذلك، وصفه باسم الجمع فقال :﴿رصداً *﴾ أي يرصده الرامون به من غير غفلة، ويجوز أن يكون مصدراً على المبالغة كرجل عدل، والرصد الترقب لأنه لما كان لا تأخر عن رميه عند الدنوّ من السماء كان كأنه هو الراصد له، المراقب لأمره، الملاحظ الذي لا فتور عنده ولا غفلة بوجه بل هو الرصد وهو المعنى بنفسه، فمتى تسنم للاستماع رمي به فيمنعه من الاستماع وإن أدركه أحرقه، وأما السمع فقد امتنع لقوله تعالى ﴿وإنهم عن السمع لمعزولون﴾ [الشعراء : ٢١٢].
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٨٥


الصفحة التالية
Icon